والمسمّى «بمجلس الشورى» ، فهل يعتبر وجود هذا المجلس تجاوزاً على الحق الإلهي واعتداء على حدود مقامه سبحانه في التشريع؟
إنّ الإجابة عن هذا السؤال تكمن في مسألتين :
الأُولى منهما هي : أنّه ممّا لا ريب فيه أنّ كلّ دولة تسعى إلى الرقي والرفاه وتنظيم أُمورها وتسيير الحياة فيها على أكمل وجه ، لا بدّ لها من وضع مؤسسة تتكفّل بهذه المهمة ، وتقوم برسم الخطط ووضع البرامج التي تسهّل عملية حركة الشعب وتنظيم مسيرته. فإذاً وجود مجلس أو مؤسسة تقوم بهذه المهمة أمر ضروري وحيوي لا يمكن الاستغناء عنه وتجاوزه. وهذا من الأُمور الضرورية التي لا تحتاج إلى مزيد بحث ودراسة.
المسألة الثانية : بعد أن عرفنا أهمية المجلس التشريعي أو مجلس الشورى في إدارة البلاد وتنظيم حركتها لا بدّ من التركيز على هذه المسألة ، وهي بيان الدائرة التي يتحرك فيها هؤلاء النواب وأعضاء المجلس المذكور ، فهل هم يسيرون في دائرة مستقلة عن دائرة القوانين الإلهية وفي خط مواز للتشريع الإلهي؟ أم أنّهم يتحركون في دائرة وإطار التشريعات الإلهية والقوانين السماوية ، ويدورون في فلكها ، ويعتمدون على الأُصول الكلّية والعامّة للإسلام؟
الحقيقة انّ مجلس الشورى الإسلامي يتحرك في إطار القوانين العامّة للإسلام ، وليس مهمته إلّا رسم الخطط والبرامج في هذا الإطار واعتماداً على هذه القوانين الكلية والأُصول المسلّمة ، وليس له حق التشريع المقابل ، ومن هنا نجد الدستور في الجمهورية الإسلامية وضع مؤسسة أُخرى للتأكد من صيانة القوانين التي يسنّها المجلس عن الانحراف عن الخط العام للتشريع