حينما يطلّ الإنسان على وادي الصمت المتمثّل في أكبر مقبرة في العالم ، وهي مقبرة النجف الأشرف على مشرّفها آلاف التحية والسلام ، ويرى عن كثب ذلك الوادي المرعب ويشاهد فيه الملايين من البشر الصغير والكبير ، والشاب والكهل ، والمرأة والرجل ، والغني والفقير ، والضعيف والقوي ، والمعدم وأصحاب الجاه والسلطان و ... ، ويراهم كيف يغطّون في سبات عميق وصمت مخيف في تلك الديار الموحشة والأرض القفرة ، والقبور التي اندرس أكثرها فتحوّلت إلى بيوت للحشرات ومأوى للديدان ، ولا يقف الأمر عند مقبرة النجف الأشرف ، بل تجد الأمر يتكرر في كلّ مدينة أو قرية ، حينئذ تنتابه الدهشة والذهول ، ويذعن من حيث يشعر أو لا يشعر أنّ مصير الجميع إلى الفناء ، ويعترف بعجز الإنسان الذاتي أمام التصدي إلى هذا المصير المحتوم الذي يبيد الجميع ويفني الكلّ ويزيل الملك ويسلب السلطان والسطوة. حينئذ يأخذ الإنسان في التفكير بمصيره وبما يؤول إليه ، وانّه لا بدّ أن يَعدّ العُدّة لمستقبله ويفكر في عاقبة أمره أمام هذا المصير المجهول ، ويُعدّ الزاد لهذا السفر الطويل والبلاء العظيم ، ويفكر في إعمار آخرته أكثر ممّا يفكر في إعمار دنياه الفانية ، وحينها يعود إلى التفكير في ذاته وأصل وجوده والهدف من خلقة الكون والعالم ، وبالنتيجة يعود إلى رشده ويرعوي عن غيّه ويفكّر في الحياة الخالدة التي تنتظره.
انطلاقاً من هذا الدرس التربوي لزيارة القبور نجد الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وضع