الطاهرة.
نعم انّ لهذه الطبقة من أفراد المجتمع منزلة خاصة ومكانة متميّزة ، تقتضي أن يؤدّي إليها الجمهور حقّها ـ على أقلّ تقدير بعد رحيلها من هذه الدنيا ـ وذلك من خلال الوقوف على تربتهم الزكية وإحياء ذكراهم ، أضف إلى ما في ذلك العمل من المردودات التربوية والروحية السامية. فإنّ الزائر حينما يقف على قبور هؤلاء الأبطال يجدّد بهذا الوقوف العهد معهم للمضي على نهجهم والسير على طريقهم ، والوفاء للمبادئ التي ضحّى من أجلها الشهداء ، والحفاظ على الراية التي رفعوها خفاقة في ربوع المجتمع ، إذ لا ريب أنّ كلّ ثورة أو تغيير اجتماعي لا يقدّر له النجاح ، إلّا بدفع الثمن الباهض ، وانّ ثمن الثورة ضد الظالمين وتقويض أركان حكمهم هو دماء الشهداء الزاكية ونفوس الأحرار الآبية ، ولا شكّ أنّ هذا الطريق يحتاج إلى ديمومة واستمرار ، وأنّ من الطرق المهمّة لهذه الديمومة والاستمرار وقوف الشباب على قبور هؤلاء الأبطال والتزوّد من معنوياتهم ، والاستلهام من بطولاتهم وأفعالهم الخالدة.
وبعبارة أُخرى : انّ زيارة مراقد هذه الشخصيات هي نوع من الشكر والتقدير لتضحياتهم ، وإعلام للجيل الحاضر بأنّ هذا هو جزاء الذين يسلكون طريق الحق والهدى والفضيلة والدفاع عن المبدأ والعقيدة.
ولننطلق هنا إلى ذكر مثال حي يعيشه المسلمون ، وهو :
إنّ زائري بيت الله الحرام يقبّلون الحجر الأسود ويمسحون أكفّهم به قبل الطواف ، وهذا في حقيقته تجديد للبيعة مع إبراهيم عليهالسلام في الثبات على القيم والأهداف السامية التي وقف إبراهيم عليهالسلام مدافعاً عنها ، وعلى رأس تلك الأهداف «كلمة التوحيد» فيبايع الحاج إبراهيم عليهالسلام بأن يبقى وفياً لهذا المبدأ ، مدافعاً عنه