يهمّه إلّا اللقاء بها ، ولا يروي غليله إلّا وصال الحبيب ولسان حاله يردّد :
أمرّ على الديار ديار ليلى |
|
أُقبّل ذا الجدار وذا الجدارا |
وما حب الديار شغفن قلبي |
|
ولكن حبُّ من سكن الديارا (١) |
ولقد نقل لنا المؤرّخون قصص الزيارة والزائرين بعد رحيل الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد روى سفيان بن عنبر عن العتبي ـ وكلاهما من مشايخ الشافعي ـ أنّه قال : كنت جالساً عند قبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فجاء أعرابي ـ من خارج المدينة ووقف على قبره الشريف صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فقال : السلام عليك يا رسول الله ، سمعت الله يقول : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (٢) وقد جئتك مستغفراً من ذنبي ، مستشفعاً بك إلى ربّي. ثمّ بكى وأنشأ يقول :
يا خير من دُفنت بالقاع أعظمه |
|
فطاب من طيبهن القاع والأكم |
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه |
|
فيه العفاف وفيه الجود والكرم |
ثمّ استغفر وانصرف. (٣)
إنّ هذا الأعرابي قد أدرك بذهنه الوقّاد ، وسريرته الصافية ، وفطرته السليمة ما تنطوي عليه زيارة النبي الأكرم من فوائد جمّة ، فجاءه زائراً لقبره الشريف.
نعم انّ الزيارة لقبور ذوي الرحم والصالحين والشهداء والعلماء ، وزيارة المراقد الطاهرة لأعظم خلق الله الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته الطاهرين عليهمالسلام ،
__________________
(١) شعر عربي مشهور منسوب إلى مجنون ليلى.
(٢) النساء : ٦٤.
(٣) وفاء الوفا : ٤ / ١٣٦١ ؛ الدرر السنيّة : ٧٥.