بايعوك عليها ، ومعاهداً لك على أن أبقى وفيّاً للمبادئ ، ومحامياً عن حريم القيم التي جئت بها ، متجنّباً السيئات والمعاصي طالباً منك أن تدعو الله لي بالتوفيق والسداد ، وأن يأخذ الله بيدي لما فيه الخير والصلاح ، وأن يتجاوز عمّا بدر مني من الذنوب والمعاصي.
نعم هذا هو لسان حال الزائر ، وهذه هي المفاهيم التي تنطوي عليها الزيارة.
وهناك نكتة جديرة بالاهتمام ، وهي أنّنا لا بدّ أن نفرّق تفريقاً جوهرياً بين زيارة المسلم المؤمن لتلك المراقد الطاهرة وما يقوم به بعض السوّاح (Tourism) من الأقطار الأُخرى ، أو بعض المسلمين الذين لا يدركون معنى الزيارة ، فإنّ هدف هؤلاء السوّاح هو الاطّلاع على المعالم والتعرّف على الآثار التاريخية والنتاجات الهندسية والمعمارية ، وما تنطوي عليه تلك الأماكن من لذّات وفوائد مادية. ولا ريب أنّ هذه الأُمور إذا تجرّدت عن المحرمات الثانوية كاللعب واللهو وما شابه ذلك ، تعدّ في حدّ ذاتها أُموراً مباحة ، بل قد تُعدّ أُموراً ممدوحة ، فممّا لا ريب فيه أنّ الإسلام قد حثّ على العلم والمعرفة ، وهذه السياحة والتعرّف على تلك الشخصيات العظيمة ومعرفة آثارهم ممّا له دوره في زيادة معارف الإنسان ، بل قد يكون ذلك سبباً لهداية الإنسان ، ولكن يبقى الفرق بينها وبين زيارة المؤمنين جوهرياً. فهؤلاء يتحرّكون في تلبية وإشباع الحاجات والغرائز المادية ، وانّ حركتهم وتعاملهم المادّي مع البناء والآثار فحسب ، وأمّا المؤمن فهدفه أكبر وغايته أسمى ، لأنّهم انّما يشدّون الرحال للقاء الأرواح الزكية ، والنفوس الطاهرة ، والمبادئ العالية ، والقيم السامية ، وتجديد البيعة للسير على ذلك الطريق المهيع والمنهج القويم. إنّ الزائر المؤمن يبحث عن معشوقه في تلك الديار والآثار فلا