بيته في هداية الأُمّة ، وإنقاذها من الضلال والانحراف ، والأخذ بيدها إلى شاطئ الأمان في بحر الظلمات المتلاطم ـ بيعة وعهد معهم للسير على نفس النهج والثبات على المبادئ والقيم التي جاءوا بها.
يقول الإمام الرضا عليهالسلام في معرض حديثة عن زيارة مراقد المعصومين عليهمالسلام :
«إنّ لكلّ إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته ، وإنّ من تمام الوفاء بالعهد زيارة قبورهم». (١)
إذاً الزيارة تمثّل في الحقيقة ميثاقاً وتعهداً يبرمه الزائر مع النبيّ الأكرم والأئمّة الطاهرين عليهمالسلام ، بأن يبقى على العهد ويسير على النهج ويحتفظ بالمبادئ ويراعي القيم التي جاء بها هؤلاء العظام.
وكأنّ الزائر يردّد في زيارته للرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم الكلمات التالية : يا رسول الله يا نبي الإنسانية ويا أعظم إنسان وطأت قدماه هذا الكوكب ، إن كان المهاجرون والأنصار قد بايعوك في الحديبية ووضعوا أكفّهم في كفّك المبارك (٢) ، وإذا كانت النسوة المؤمنات قد بايعنك في مكة المكرمة على أن لا يشركن ولا يزنين (٣) ، وإذا كان المؤمنون ـ الذين قد زلّت بهم قدمهم واقترفوا بعض الذنوب وارتكبوا بعض المعاصي ـ قد جاءوك طالبين منك الاستغفار لهم وحطّ ذنوبهم (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (٤) ، فها أنا أقف بين يديك وإلى جوار قبرك الطاهر مجدداً البيعة التي
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٠ / ٣٤٦ ، الباب ٤٤ من أبواب المزار ، الحديث ٢.
(٢) إشارة إلى قوله تعالى : (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشَّجرة) (الفتح : ١٨).
(٣) إشارة إلى قوله تعالى : (إِذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله) (الممتحنة : ١٢).
(٤) النساء : ٦٤.