الحديث الأوّل : «لعن الله زوّارات القبور». (١) متذرّعين بأنّ ذلك صريح في المنع ، لأنّ اللعن لا يجتمع مع الإباحة.
وجوابه
إنّ هذا الحديث لا يصح مستنداً للمنع ، لأنّه لا تتوفر فيه شروط الاستدلال ، وذلك لأنّه منسوخ وفقاً للأدلّة السابقة ، والملاحظ أنّ بعض المحدّثين من أهل السنّة ذهبوا إلى أنّ الحديث منسوخ ، منهم : الترمذي ـ ناقل الحديث ـ حيث يقول : وقد رأى بعض أهل العلم أنّ هذا كان قبل أن يرخّص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في زيارة القبور ، فلمّا رخّص دخل في رخصته الرجال والنساء. (٢)
قال القرطبي : هذا اللعن إنّما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصفة من المبالغة ، ولعلّ السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرّج ، وما ينشأ منهنّ من الصياح ونحو ذلك. (٣)
الحديث الثاني :
روى ابن ماجة عن علي عليهالسلام : قال : خرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإذا نسوةٌ جُلُوس. فقال : «ما يجلسكنّ؟» قلنَ : ننتظر الجنازة. قال : «هل تغسِلنَ؟» قُلْنَ : لا. قال : «هَلْ تَحْمِلنَ؟» قُلْنَ : لا. قال : «هل تدلين فيمن يُدلي؟» قلن : لا. قال : فَارْجعنَ
__________________
(١) سنن ابن ماجة : ١ / ٥٠٣ ، الحديث ١٥٧٦ ؛ سنن أبي داود : ٣ / ٢١٨ ، الحديث ٣٢٣٦ وفيه بدل «زوارات» : «زائرات».
(٢) سنن الترمذي : ٣ / ٣٧١ ـ ٣٧٢ ، باب ما جاء من الرخصة في زيارة القبور.
(٣) فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني : ٣ / ١٤٩.