منه الاستغفار لهم ونزول الرحمة عليهم ، والتجاوز عمّا صدر عنهم.
وفي الواقع ليست الزيارة إلّا الحضور عند المزور ، وإهداء التحيّة والسلام إليه ، وطلب الدعاء منه لا أكثر.
من هنا يمكن أن يستدلّ بالآيتين الشريفتين على استحباب زيارة مرقد النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والشاهد على ذلك ما رواه المحدّثون من أنّه وبعد رحيل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم جاء أعرابي من خارج المدينة ، وبعد أن قرأ الآية المباركة (١) ، خاطب رسول الله بقوله : «وقد جئتك مستغفراً من ذنبي ، مستشفعاً بك إلى ربّي». (٢)
ولقد أشار السبكي في كلامه السابق إلى نكتة مهمة ، وهي : انّ دعوة المسلمين وحثّهم على الحضور عند رسول الله وطلب الاستغفار منه ، يُعدّ تعظيماً وتكريماً وتبجيلاً له صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا ريب أنّ هذا التكريم والتعظيم والتبجيل من قبل المسلمين لا يختص بحياة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم الدنيوية فقط ، بل أنّ ذلك يجري مطلقاً في حياته وبعد رحيله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ومن هذا المنطلق نجد المفسّرين يعتقدون اعتقاداً راسخاً بأنّ احترام الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يختص بزمن حياته صلىاللهعليهوآلهوسلم فقط ، بل لا بدّ أن يحفظ ذلك حتى بعد وفاته ورحيله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
بل نجد انّ الآية التي تنهى المسلمين عن رفع أصواتهم فوق صوت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم باقية على حيويتها واستمراريتها وقوّتها ، حيث يقول سبحانه :
__________________
(١) النساء : ٦٤.
(٢) وفاء الوفا : ٤ / ١٣٦١ ؛ الدرر السنيّة : ٢١.