عبد العزيز يبرد البريد من الشام يقول : سلّم لي على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. (١)
٣. عمر بن الخطاب يطلب من كعب السفر للزيارة
روى الواقدي في «فتوح الشام» : انّ عمر لمّا صالح أهل بيت المقدس ، وقدم عليه كعب الأحبار وأسلم وفرح عمر بإسلامه ، قال عمر له : هل لك أن تسير معي إلى المدينة ، وتزور قبر النبي وتتمتّع بزيارته؟ فقال لعمر : يا أمير المؤمنين أنا أفعل ذلك. ولمّا قدم عمر المدينة ، أوّل ما بدأ بالمسجد وسلّم على رسول الله. (٢)
وفي الحقيقة نحن لسنا بحاجة إلى ذكر هذه النماذج الجزئية بعد أن أطبق المسلمون على طول القرون الأربعة عشر الماضية على جواز السفر ، وأثبتوا صحّة ذلك ، وقاموا بذلك بصورة عملية حيث كانت ولا تزال تسير الوفود والقوافل الكبيرة منطلقة من أقصى المناطق ومن كلّ فج عميق باتجاه المدينة المنوّرة للتشرّف بزيارة النبي الأكرم والانتهال من نمير فيضه صلىاللهعليهوآلهوسلم وتجديد العهد معه.
وهذا هو الإمام السبكي يذكر سيرة المسلمين في أيام الحجّ ، ويقول : إنّ الناس لم يزالوا في كلّ عام إذا قضوا الحجّ يتوجّهون إلى زيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومنهم من يفعل ذلك قبل الحجّ ، هكذا شاهدنا وشاهده مَن قبلنا ، وحكاه العلماء عن الأعصار القديمة ، وذلك أمر لا يرتاب فيه ، وكلّهم يقصدون ذلك ويعرجون إليه ، وإن لم يكن في طريقهم ، ويقطعون فيه مسافة بعيدة ، وينفقون فيه الأموال ،
__________________
(١) مثير الغرم الساكن إلى أشرف الأماكن : ٢ / ٢٩٧.
(٢) فتوح الشام : ١ / ٢٤٤.