الاتحاد والتآخي ومعرفة مخاطر الاختلاف والفرقة ، وان سر انهزامهم يكمن في التشتت والتشرذم ، والقصة معروفة حيث أعطى الشيخ الكبير لكلّ واحد من أبنائه عصا وأمره بكسرها على انفراد ، فتمكّن الجميع من كسر العصي ، ثمّ جمع لهم العصي في حزمة واحدة فطلب منهم كسرها فعجز الجميع عن كسرها ، فأنشد يقول :
كونوا جميعاً يا بني إذا اعترى |
|
خطب ولا تتفرقوا آحاداً |
تأبى العصي إذا اجتمعن تكسراً |
|
وإذا افترقن تكسّرت آحادا (١) |
إنّ العالم المعاصر الآن يحاول أن يتغلّب على المشاكل التي تعترض طريقه من خلال تشكيل المنظمات والهيئات الدولية و ... التي يتم التجمع فيها لتبادل وجهات النظر وطرح الآراء والنظريات المتعددة ووضع الحلول المتنوعة والمقترحات المختلفة ، ودراستها دراسة دقيقة ومتأنية والنظر إلى القضايا والمسائل من جميع أبعادها وزواياها ، ثمّ الخروج بنتيجة تمثّل حصيلة التشاور وتبادل جميع الآراء وتلاقح الأفكار ، بل هي في الحقيقة حصيلة وثمرة العقل الجماعي ، بعيداً عن التزمّت والانفراد في الرأي واعمال الآراء الفردية.
وممّا لا ريب فيه أنّ تلاقح الأفكار وتعدّد وجهات النظر وطرح النظريات المختلفة ممّا يمنح الحقيقة دفعة قوية للانطلاق إلى الامام والوصول إلى الهدف ويزيح الستار والغموض عن وجهها. نعم انّ في الاتحاد سر انتصار الأُمم وتطورها.
__________________
(١) جاء في ديوان «گلستان سعدى» الباب الثالث ، مجموعة أبيات تتّحد في مضمونها مع ما ذكرناه في المتن.