ظاهرة التحميد والتسبيح والتهليل التي يقوم بها أصحابها الذين وصفتهم الآية بقولها : (لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) الأمر الذي أدّى إلى أن يأذن سبحانه وتعالى برفعتها وتشريفها ، فقال : (أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ).
وهناك شاهد واضح يشهد على أنّ المراد من البيوت في الآية المباركة بيوت العترة الطاهرة عليهمالسلام ، وهذا الشاهد يتمثّل في الآيتين المباركتين التاليتين :
الف : قال تعالى مخاطباً آل إبراهيم عليهالسلام :
(رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ). (١)
ب : قوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً). (٢)
ولكن قد يقال : إنّ ذيل الآية الذي جاء فيه قوله تعالى : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) قرينة على أنّ المراد من البيوت هي المساجد ، لأنّ مسلمي صدر الإسلام كانوا جميعاً يؤدّون صلواتهم في المسجد ، ومن الطبيعي أنّ إقامة الصلاة ملازمة للتسبيح والتهليل والتكبير.
ويرد على هذا الرأي : انّه تصوّر خاطئ ، وذلك لأنّ الصلاة التي كانت تقام في المسجد هي الصلوات الواجبة ، وأمّا الصلاة المستحبة فقد كانت تؤدّى في البيوت ، حيث وردت الروايات الكثيرة التي تحثّ المسلمين على تقسيم صلاتهم إلى طائفتين : طائفة تُصلّى في المسجد وهي الصلاة الواجبة ، وأُخرى تصلّى في البيوت ، وهي الصلاة النافلة (المستحبة). ثمّ إنّ المستشكل غفل عن نكتة
__________________
(١) هود : ٧٣.
(٢) الأحزاب : ٣٣.