بكلّ الطرق والوسائل. ولقد نقل لنا التاريخ بعض تلك المحاولات والتي منها :
قال ابن إسحاق : ومرّ شاس بن قيس ـ وكان شديد الضغن على المسلمين ، وشديد الحسد لهم ـ على نفر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم ، فغاظه ما رأى من إلفتهم وجماعتهم ، فقال : قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد ، لا والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار ؛ فأمر فتى شاباً من يهود فقال له : «اعمد إليهم ثمّ اذكر يوم بعاث وما كان قبله» وكان يوم بعاث يوماً اقتتلت فيه الأوس والخزرج ؛ ففعل الشاب اليهودي فتكلّم القوم عند ذلك ، وتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيّين فتقاولا ، ثمّ قال أحدهما لصاحبه : إن شئتم رددناها الآن جذعة ، فغضب الفريقان وقالوا : السلاح السلاح ، فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فخرج إليهم في من معه من أصحابه المهاجرين حتى جاءهم فقال :
«يا معشر المسلمين! الله ، الله أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟! بعد أن هداكم الله للإسلام ، وأكرمكم به ، وقطع به عنكم أمر الجاهلية ، واستنقذكم به من الكفر ، وألّف به بين قلوبكم». فعرف القوم انّها نزغة من الشيطان ، وكيد من عدوهم ، فبكوا وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضاً. (١)
وهناك نموذج آخر ذكره لنا التاريخ في هذا الخصوص وقع في السنة السادسة من الهجرة في غزوة بني المصطلق :
__________________
(١) سيرة ابن هشام : ٢ / ٢٥٠.