المفلقين في القرنين الثالث والرابع (المتوفّى ٣٩١ ه ـ) أنشأ قصيدته الفائيّة في مدح الإمام أمير المؤمنين ، وأنشدها في الحضرة العلوية عند ما زارها يقول في مستهلّها :
يا صاحب القبّة البيضاء على النجف |
|
من زار قبرك واستشفى لديك شُفي |
زوروا أبا الحسن الهادي لعلّكم |
|
تحظون بالأجر والإقبال والزُّلفِ (١) |
والقصيدة تعرب عن وجود البناء والقبّة البيضاء على القبر ، والتفاف الزائرين حوله في عصره ، ومع ذلك يدّعي بعض الوهّابيين ، أنّ البناء على القبور لم يكن في خير القرون وأنّه من البدع المستحدثة.
والعجيب هنا ، هو أنّ من النظريات المطروحة في «علم أُصول الفقه» انّ اتّفاق الأُمّة وفي أيّ قرن كان على حكم من الأحكام ، علامة على صحّة ذلك الحكم واعتباره الشرعي ، وقد أطلقوا على هذا الاتفاق مصطلح «الإجماع» ولكن مع هذا كلّه نجد أنّ هناك حركة نشأت في أوساط الأُمّة الإسلامية لا تُعير أيّ أهمية لإجماع الأُمّة الإسلامية ، لا في قرن واحد فحسب ، بل على طول قرون متمادية من تاريخ الإسلام.
والأعجب من ذلك انّ أصحاب هذه الحركة لم يقدّموا دليلاً قوياً وبرهاناً محكماً على رفضهم لهذا الإجماع وخروجهم عن الخط العام لكافّة المسلمين!!
__________________
(١) اقرأ ترجمته في يتيمة الدهر : ٣ / ٣٥ ، معجم الأُدباء : ٤ / ٦ ، المنتظم : ٧ / ٢١٦ ؛ تاريخ بغداد : ٨ / ١٤ ؛ وفيات الأعيان : ١ / ١٦٨ ؛ الكامل لابن الأثير : ٩ / ٦٣ إلى غير ذلك من مصادر الترجمة.