وقال في موضع آخر :
اتّفق الإسلاميون على حقية سؤال منكر ونكير في القبر ، وعذاب الكفّار وبعض العصاة فيه ، ونسب خلافه إلى بعض المعتزلة. قال بعض المتأخرين منهم : حُكي إنكار ذلك عن ضرار بن عمرو ، وإنّما نسب إلى المعتزلة ، وهم براء منه لمخالطة ضرار إيّاهم ، وتبعه قوم من السفهاء المعاندين للحق.
لنا : الآيات ، كقوله تعالى في آل فرعون : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا) (١) ، أي قبل القيامة ، وذلك في القبر ، بدليل قوله تعالى : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) (٢). وكقوله تعالى في قوم نوح : (أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً) (٣) ، والفاء للتعقيب ، وكقوله تعالى : (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) (٤) وإحدى الحياتين ليست إلّا في القبر ، ولا يكون إلّا نموذج ثواب أو عقاب بالاتّفاق ، وكقوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ).
والأحاديث (٥) المتواترة المعنى كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران» وكما روي أنّه مرّ بقبرين فقال : «إنّهما ليعذبان». (٦)
وكالحديث المعروف في الملكين اللّذين يدخلان القبر ومعهما مرزبتان ، فيسألان الميت عن ربّه وعن دينه وعن نبيه ... إلى غير ذلك من الأخبار والآثار
__________________
(١) غافر : ٤٦.
(٢) غافر : ٤٦.
(٣) نوح : ٢٥.
(٤) غافر : ١١.
(٥) آل عمران : ١٦٩ ـ ١٧٠.
(٦) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الوضوء : ١ / ٦١ وكتاب الجنائز : ص ٨٩.