٢. قوله سبحانه وتعالى : (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ). (١)
ترى أنّه عطف طلب الغفران بالفاء على قوله : (رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا) ، وهذا يعرب عن وجود الصلة بين الإيمان وطلب المغفرة.
وأنت إذا سبرت الآيات الكريمة تقف على نظير ذلك ، لكنّها جميعاً من قبيل التلميح لا التصريح. غير أنّ السنّة النبوية الشريفة قد تكفّلت بالتصريح بأنّ العمل الصالح الذي يقوم به الإنسان هو أحد مصادر نزول الرحمة الإلهية ، فيه تنزل الرحمة ويستجاب الدعاء ، وبالنتيجة هو أحد أسباب ووسائط التوسّل إليه سبحانه.
فلقد روى الفريقان القصة التالية :
روى البخاري عن ابن عمر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «بينما ثلاثة نفر ممّن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم مطر. فآووا إلى غار فانطبق عليهم ، فقال بعضهم لبعض : إنّه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلّا الصدق ، فليدع كلُّ رجل منكم بما يعلم أنّه قد صدق فيه.
فقال واحد منهم : اللهمّ إن كنت تعلم أنّه كان لي أجير عملَ لي على فرق من أرُز ، فذهب وتركه ، وانّي عمدت إلى ذلك الفرق فزرعته ، فصار من أمره أنّي اشتريت منه بقراً ، وأنّه أتاني يطلب أجره ، فقلت : اعمد إلى تلك البقر فسقها ، فقال لي : إنّما لي عندك فرق من أرُز ، فقلت له : اعمد إلى تلك البقر فإنّها من ذلك الفرَق ، فساقها ، فإن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك من خشيتك ،
__________________
(١) آل عمران : ١٦.