لا ريب أنّ الفرض الأوّل مخالف لحكم العقل والشرع معاً ، لأنّنا قد أثبتنا في موضوع الحياة البرزخية انّ واقع الإنسان وسموه وتكامله يكمن في روحه لا في بدنه ، وأثبتنا أيضاً انّ للروح حياة أُخرى مستمرة وخالدة وانّ الموت لا يُمثل نهاية الحياة وانعدامها ، بل هو في الحقيقة يمثّل بداية حياة جديدة أُخرى ، وعلى هذا الأساس تكون جذور منزلة الرسول الأكرم ومقامه ممتدة في عظمة روحه وكرامتها المعنوية ، وانّ هذه المنزلة وتلك العظمة والكرامة باقية بعد رحيله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن هذه الدنيا.
كما أثبتنا أيضاً في البحوث السابقة انّ العلاقة والصلة بين الحياتين المادية والبرزخية قائمة ولم تنقطع ، وأثبتنا بالأدلّة القطعية انّ الأموات يسمعون كلامنا كما كانوا في الحياة الدنيا.
من هذا المنطلق يكون تخصيص مفاد الآية (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ ...) بالحياة الدنيوية فقط ، تخصيص لا أساس له من الصحّة ولا يقوم على قواعد علمية ولا يدعمه الدليل.
وبعبارة أُخرى : نسأل المنكرين للتوسّل بدعاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد رحيله ، لما ذا لا تجوّزون ذلك؟
هل لأنّ جميع فضائله صلىاللهعليهوآلهوسلم ترتبط بالعنصر المادي من حياته والتي تفنى بعروض الموت عليه ومع فناء ذلك العنصر تفنى جميع تلك الكرامات والفضائل؟!
أم لأنّ الموت في الحقيقة يمثّل نهاية حياة البشر عامة والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصة بحيث لا توجد حياة أُخرى أبداً ، وأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ليس بحي يرزق عند ربّه سبحانه؟!
وهل ـ على فرض الإذعان بوجود حياة أُخرى ـ انّ العلاقة بينه وبيننا