قال ابن حنيف : فو الله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا كأن لم يكن به ضرّ. (١)
إنّ الاستدلال بالرواية مبني على صحّتها سنداً وتمامية دلالتها مضموناً.
أمّا الأوّل : فلم يناقش في صحّتها إلّا الجاهل بعلم الرجال ، حتّى أنّ ابن تيمية (٢) اعترف بصحّة الحديث حيث قال : قد روى الترمذي حديثاً صحيحاً عن النبي أنّه علّم رجلاً أن يدعو فيقول : اللهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك.
وروى النسائي نحو هذا الدعاء.
وقال الترمذي : هذا حديث حق حسن صحيح ، وقال ابن ماجة : هذا حديث صحيح.
وقال الرفاعي : لا شكّ أنّ هذا الحديث صحيح ومشهور. (٣)
وبعد ذلك فلم يبق لأحد التشكيك في صحّة سند الحديث إنّما الكلام في دلالته ، وإليك البيان :
إنّ الحديث يدلّ بوضوح على أنّ الأعمى توسّل بذات النبي بتعليم منه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والأعمى وإن طلب الدعاء من النبي الأكرم في بدء الأمر ، إلّا أنّ النبي علّمه دعاءً تضمّن التوسّل بذات النبي ، وهذا هو المهم في تبيين معنى الحديث.
وبعبارة ثانية : أنّ الذي لا ينكر عند الإمعان في الحديث أمران :
الأوّل : أنّ الرجل طلب من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الدعاء ولم يظهر منه توسّل بذات
__________________
(١) سنن الترمذي : ٥ / ٢٢٩ ، كتاب الدعوات ، الباب ١١٩ ، برقم ٣٦٥٩ ؛ سنن ابن ماجة : ١ / ٤٤١ ، برقم ١٣٨٥ ؛ مسند أحمد : ٤ / ١٣٨ ، إلى غير ذلك من المصادر.
(٢) مجموعة الرسائل والمسائل : ١ / ١٣.
(٣) التوصّل إلى حقيقة التوسّل : ١٥٨.