(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ). (١)
وعلى هذا الأساس يكون طلب الشفاعة من الأنبياء أو الأولياء شركاً شبيه طلب الشفاعة من الأصنام.
ويرد على (٢) ذلك :
أوّلاً : أنّ هناك فرقاً جوهرياً بين طلب الشفاعة من الأصنام وطلبها من الأولياء الصالحين ، لأنّ طلب المشركين الشفاعة من أصنامهم ينبع من الاعتقاد بأنّ أصنامهم آلهة أو فوّض إليها فعل الإله ، والحال أنّ الموحّدين ينطلقون في طلبهم هذا من الاعتقاد بأنّ الشفعاء عباد لله أخلصوا له العبودية ، فتفضّل عليهم سبحانه ووهبهم هذه المنزلة والمقام ، فكيف يا ترى جاز اعتبار الطلبين يعودان إلى حقيقة مشتركة وجوهر واحد؟!
وثانياً : أنّ المشركين عبدوا الأصنام أوّلاً ثمّ طلبوا منها الشفاعة ثانياً ، وهذا ما تحكي عنه الآية المذكورة حيث قال تعالى أوّلاً : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) ثمّ أردف ذلك بقوله : (وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا) ، والحال أنّ الموحّدين لا يعبدون إلّا الله تعالى وحده لا شريك له ، نعم بعد الخضوع له سبحانه والإيمان به ، يطلبون الشفاعة من أوليائه الصالحين ، انطلاقاً من إذنه سبحانه وتعالى في هذا الفعل.
اتّضح من هذا البيان أنّ عطف عمل المؤمنين على المشركين واعتبارهما أمراً واحداً ، عطف لا أساس له من الصحّة ، ولا يقوم على أيّ مستند علمي أو دليل برهاني.
__________________
(١) يوسف : ١٨.
(٢) انظر كشف الشبهات : ١٤.