الخالد لسيد الأوصياء أمير المؤمنين عليهالسلام.
ثمّ لا بدّ من الإشارة إلى مسألة مهمة وهي : تصوّر البعض من الكتّاب أنّ القول بالولاية التكوينية للأنبياء والأولياء والاعتقاد بأنّهم قادرون على التصرّف في عالم الخلق ، يُعدّ نوعاً من الشرك ، غافلين عن أنّ تسلّط الإنسان على التصرّف في عالم الخلق يتم بصورتين ، هما :
١. انّ نفس الإنسان يمتلك تلك الهيمنة والسلطة والقدرة ، وبحسب الاصطلاح يمتلك «القدرة الذاتية» على ذلك.
٢. القدرة والاستعداد النابعة من القدرة الإلهية ، وانّ الله سبحانه وتعالى ـ ولمصالح ما ـ يمنح بعض الأفراد تلك القدرات ، ويفيض عليهم بتلك المواهب بحيث يستطيعون القيام بتلك الأعمال الخارقة.
ولا ريب أنّ الصورة الأُولى باطلة قطعاً وأنّها نوع من الشرك ، فكلّ نظرية تذهب إلى أنّ الإنسان مستقل في أعماله وأفعاله ـ الظاهرية أو الباطنية ـ عن الله سبحانه فهي نظرية إلحادية وشرك بالله تعالى. وأمّا الصورة الثانية فلا شكّ في صحّتها وانسجامها مع التوحيد ، بل هي عين التوحيد ، لأنّها مستقاة من القدرة الإلهية المطلقة.
وفي الختام نقول : إنّه ومع الالتفات إلى المقامات والمواهب التي يمنحها الله سبحانه لأوليائه الصالحين ، فلا ينبغي الترديد والتشكيك بصحّة الكرامات التي تصدر عنهم في أثناء حياتهم أو بعد رحيلهم إلى الرفيق الأعلى ، وذلك لأنّ كرامة السيد المسيح عليهالسلام لا تنحصر بحياته الدنيوية وفي عالم المادة فقط ، بل هي نتيجة لقربه المعنوي عليهالسلام ، ومن الواضح أنّ القرب المعنوي محفوظ دائماً ، سواء في الحياة الدنيا ، أو في عالم البرزخ.