قد شرب بها ، أو بئر ، أو عصاً كان قد استعملها ، أو خاتم ، أو ... ، فكلّ تلك الآثار كانت مورد اهتمام أصحابه وأنصاره صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل كان الخلفاء يتوارثون ختمه وخاتمه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وفي الختام نرى من اللازم التذكير بمسألتين مهمتين ، هما :
المسألة الأُولى : كانت للإمام أحمد بن حنبل ـ إمام الحنابلة والذي له منزلة وقداسة خاصة في أوساط أهل السنّة ـ رؤية ثاقبة في مسألة التبرّك ، وهذا ما أكّدته كلماته التي نقلت عنه وكذلك سيرته ، فمن ذلك :
قال العز بن جماعة الحموي الشافعي (المتوفّى ٨١٩ ه ـ) في كتاب «العلل والسؤالات» قال عبد الله : سألت أبي عن الرجل يمسّ منبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويتبرّك بمسّه ويقبّله ، ويفعل بالقبر مثل ذلك رجاء ثواب الله تعالى : قال : لا بأس به. (١)
وقال العلّامة أحمد بن محمد المقري المالكي (المتوفّى ١٠٤١ ه ـ) في «فتح المتعال» نقلاً عن ولي الدين العراقي قال : أخبر الحافظ أبو سعيد بن العلا ، قال : رأيت في كلام أحمد بن حنبل في جزء قديم عليه خط ابن ناصر (٢) وغيره من الحفّاظ : انّ الإمام أحمد سُئل عن تقبيل قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتقبيل منبره؟ فقال : لا بأس بذلك.
قال : فأريناه التقي ابن تيمية فصار يتعجّب من ذلك ، ويقول : عجبت من أحمد عندي جليل ، هذا كلامه أو معنى كلامه.
وقال : وأي عجب في ذلك وقد روينا عن الإمام أحمد أنّه غسل قميصاً
__________________
(١) وفاء الوفا : ٢ / ٤٤٣.
(٢) هو الحافظ محمد بن ناصر أبو الفضل البغدادي توفّي سنة ٥٥٠ ه ـ قال ابن الجوزي في المنتظم : ١٠ / ١٦٣ : «كان حافظاً متقناً ثقة لا مغمز فيه».