المسلمين تجاه آراء الرجل ومعتقداته أثرها الفاعل في اندحارها وانكفائها ووضعها في زاوية النسيان ، وإهمالها اهمالاً كاملاً ، وكأنّها لم توجد يوماً ما في الوسط الإسلامي.
وكان موقف العلماء هذا ـ وبحق ـ تجسيداً حيّاً وامتثالاً رائعاً لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا ظهرت البدع في أُمّتي فليظهر العالم علمه ، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله». (١)
وهكذا اختفى مذهب ابن تيمية وأفكاره ونظرياته عن الأنظار ، إلّا ما كان منها في كتب تلميذه ابن قيم الجوزية (٦٩١ ـ ٧٥١ ه ـ) ، بل حتى تلميذه ابن قيّم الجوزية نفسه وقف متحدّياً أُستاذه في كتاب «الروح».
هذه هي إطلالة سريعة على شخصية ابن تيمية ، وموقف علماء المسلمين منها ، وبيان سبب انزوائها وخفائها فترة طويلة من الزمن ، وحان الوقت للبحث عن العوامل والأسباب التي أدّت إلى إحياء أفكاره من جديد وطرح نظرياته في أوساط المسلمين في القرن الثاني عشر الهجري ، لتخرجها من الظلام وتنفض عنها غبار الإهمال. وهذا ما نبحثه في الموضوع التالي إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) الكافي : ١ / ٥٤ ، باب البدع والرأي.