بذبائحهم ونذورهم للأموات ـ من الأنبياء والأولياء ـ إلّا الصدقة عنهم وجعل ثوابها إليهم ، وقد علموا أنّ إجماع أهل السنّة منعقد على أنّ صدقة الأحياء نافعة للأموات ، واصلة إليهم ، والأحاديث في ذلك صحيحه مشهورة. (١)
ومنها ما نقله أبو داود عن ميمونة بنت كردم قالت : خرجت مع أبي في حجة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ... إلى أن قالت : فقال (أبي) : يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّي نذرت إن ولد لي ولد ذكر أن أنحر على رأس بوانة في عقبة من الثنايا عدة من الغنم ، قال : لا أعلم إلّا أنّها قالت خمسين ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «هل بها من الأوثان شيء»؟ قال : لا ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فأوف بما نذرت به لله». (٢)
ومن الملاحظ أنّ الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم قد ركّز في جوابه على وجود الأوثان في المنطقة ممّا يحكي أنّ النذر المحرّم هو النذر للأصنام والأوثان ، لأنّه كان من عادات عرب الجاهلية ، ولقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك بقوله : ((وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) ... (ذلِكُمْ فِسْقٌ)). (٣)
ومن يمعن النظر في سلوك ومنهج الزائرين وطريقة تصرفهم في العتبات المقدّسة ومراقد الأولياء الصالحين ، يصل إلى نتيجة قطعية ويكتشف بما لا مزيد عليه أنّ هؤلاء يذبحون باسمه ولغرض الفوز برضاه والتقرب إليه سبحانه ثمّ انتفاع صاحب القبر بثواب ذلك العمل من جهة وانتفاع الفقراء والمحتاجين من جهة ثانية.
__________________
(١) فرقان القرآن : ١٣٣.
(٢) سنن أبي داود : ٢ / ١٠٤ ، ح ٣٣١٤.
(٣) المائدة : ٣.