لقد أولى القرآن الكريم المؤمنين الذين يدعون الله تضرعاً وخفية ويطلبون منه العفو وغفران الذنوب ، أهمية خاصة ووصفهم بصفات ونعوت كثيرة كالصابرين ، والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار و ... قال تعالى : (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ). (١)
فلو انّ إنساناً قام في جوف الليل ثمّ أسبغ ـ وضوءه وتوجه إلى الله مصلّياً صلاة الليل ذارفاً دموع الخوف راجياً منه ، متضرعاً إليه سبحانه وتعالى قائلاً :
«اللهمّ إنّي أسألك بحقّ المستغفرين بالأسحار اغفر لي ذنبي».
فكيف يمكن اعتبار الحلف على الله سبحانه بمقام ومنزلة الموحّدين الصالحين الذائبين في التوحيد والإخلاص له سبحانه ، نوعاً من الشرك في العبادة؟!
ولقد أوضحنا في بحوثنا السابقة انّ المعيار في العبادة هو : الخضوع مقابل موجود يعتقد أنّه ربّ أو أنّه منشأ لبعض الأعمال الإلهية ، والحال أنّ الموحّدين الذين يقسمون على الله بحقّ الأنبياء والأولياء ومنزلتهم عليهمالسلام لا ينطلقون من هذا الاعتقاد المنحرف ، بل أقصى ما يعتقدونه في حقّهم أنّهم عباد مقربون لله سبحانه
__________________
(١) آل عمران : ١٧.