يهتدون بهديه ، ويسيرون على واضح نهجه ، ومن المعلوم أنّه قد ورد فيه الكثير من الآيات التي يقسم بها بغير الله سبحانه ، ممّا يدلّ ـ وبوضوح تام ـ على أنّ هذا النوع من القسم ليس بدعة في الدين ولا شركاً بالله سبحانه وتعالى ، كما يثبت أنّه ليس من الأمر المحرّم والمنهيّ عنه ، إذ لو كان كذلك لكان المفروض أن يحذر القرآن الكريم أو السنّة المطهرة منه ، أو يذكران الناس بأنّ ذلك القسم من خصائص الله تعالى ، فلا يحق لأحد مهما كان مشاركته في هذه الخصوصية.
وهذا ليس بالأمر العجيب ، ففي الوقت الذي نجد فيه القرآن الكريم يصف الله سبحانه «بالكبرياء» (١) نجد العقل والروايات قد بيّنت أنّ الكبرياء من صفات الله تعالى ، لأنّ ذاته سبحانه تفيض كمالاً وجمالاً ، وأما غيره فلا يحق له الاتّصاف بهذا الوصف ، لأنّه فاقد لكلّ أنواع الكمال ، وكلّ ما يملكه غيره انّما هو من فيضه وسببه وأفضاله سبحانه وتعالى.
ثمّ إنّ وجود هذا الكم الهائل من الأقسام في القرآن الكريم إذا لم يكن جميلاً ومستحسناً ، فعلى أقلّ تقدير أنّه ليس بالأمر المستقبح. هذا من جهة ، ومن جهة أُخرى لو كان ذلك شركاً منهياً عنه ، فهذا يعني أنّ الله تعالى هو نفسه قد وفّر الأرضية المناسبة لذلك الشرك من خلال ما أورده من آيات القسم!!!
يتّضح من ذلك أنّه لا محذور في هذا النوع من القسم والذي يعبّر في الغالب عن العظمة والكرامة لا غير.
ثمّ إنّ البعض من المخالفين لمّا واجهوا هذا المنطق القويم والبرهان النيّر ، والدليل المستحكم حاولوا الهروب من المأزق الحرج بالتوسّل بتأويلات ضعيفة لا نصيب لها من الحقّ ، فقالوا : إنّ حقيقة هذه الأقسام ترجع إلى قسم واحد لا أكثر ،
__________________
(١) انظر الحشر : ٢٣.