البكاء على الميّت (١)
الحزن والتأثر عند فقدان الأحبة أمر جُبلت عليه الفطرة الإنسانية ، فإذا ابتلي بمصاب عزيز من أعزّائه أو فلذة من أفلاذ كبده وأرحامه ، يحسّ بحزن شديد يتعقّبه ذرف الدموع على وجناته ، دون أن يستطيع أن يتمالك حزنه أو بكاءه.
ولا أجد أحداً ينكر هذه الحقيقة إنكار جد وموضوعية ، ومن الواضح بمكان أنّ الإسلام دين الفطرة يجاريها ولا يخالفها.
قال سبحانه : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها). (٢)
ولا يمكن لتشريع عالمىّ أن يحرم الحزن والبكاء على فقد الأحبة إذا لم يقترن بشيء يغضب الرب.
ومن حسن الحظ نرى أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والصحابة الكرام والتابعين لهم بإحسان ساروا على وفق الفطرة.
فهذا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يبكي على ولده إبراهيم ، ويقول : «العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلّا ما يرضي ربنا ، وإنّا بك يا إبراهيم لمحزونون». (٣)
__________________
(١) هذا الفصل مستل من كتاب «بحوث قرآنية في التوحيد والشرك» للمصنّف.
(٢) الروم : ٣٠.
(٣) سنن أبي داود : ١ / ٥٨ ؛ سنن ابن ماجة : ١ / ٤٨٢.