من الواضح والجلي أنّ كلّ من أمعن النظر في خلق السماوات والأرض عامّة والإنسان خاصّة يدرك جيداً أنّ لخلق العالم والإنسان من قبل الحكيم العزيز ، هدفاً وغاية يتطلّبها ، وفي الحقيقة أنّ هذا الهدف ، وتلك الغاية تعود إلى المخلوقات نفسها ، وأنّ الله القدير غني عن تلك الأهداف والغايات ومنزّه عنها ، فلا يعود عليه شيء من النفع أو الزيادة أو الضرر والخسارة في حالة عدم خلقهم. فإذا أخذنا تلك القضية بنظر الاعتبار يتّضح لنا حينئذ وبجلاء أمران مسلّمان ، هما :
١. انّ الله تعالى غني ولا يمكن أن تتطرق الحاجة والنقص إلى ذاته المقدّسة أبداً.
٢. انّ الله خالق حكيم ، فلا بدّ أن يتجلّى أثر حكمته في خلقه ، بمعنى أنّه يجب أن ينزّه فعله تعالى عن العبث واللغو ، تعالى عن ذلك علواً كبيراً.
من هنا ومن خلال هذين الأصلين نصل إلى النتيجة التالية : وهي أنّ خلق العالم والإنسان لم يكن بالأمر العبثي أبداً ، بل أنّهما خلقا لهدف وغاية ويتطلّب كلّ منهما الغاية والهدف الذي خلق من أجله ، وانّ نتيجة هذا الهدف في الحقيقة ، ترجع إلى المخلوق نفسه لا إلى الله سبحانه.
ولقد أشار القرآن الكريم إلى تلك الحقيقة بقوله :