الثالث : الشمّ ، وهو قوة مودعة في حلمتين في مقدّم الدماغ يدرك الرائحة عند حصول الهواء المتكيّف بها عندها.
الرابع : الذوق ، وهو قوة تحصل في سطح اللسان تحت الجلدة ، ولا بدّ من توسط الرطوبة اللعابية المنفعلة عن الطعم ، وتلك الرطوبة خالية عن الطعم ، إذ لو كان مماثلا لم يحصل الانفعال الذي هو شرط ومخالفا لم يتأدّى الطعم (١) على حاله كالمريض.
الخامس : اللمس ، وهو منبثّ في البدن كلّه ، وهو قوة واحدة. وقيل : أربع (٢) بناء على عدم صدور الكثرة عن الواحد.
ثمّ إنّه أنفع الأنواع لدفعه الضرر وتلك جالبة للنفع ، والأوّل أقدم ، إذ النفع
__________________
(١) أو مخالفا ولم يتأدّى الطعم وإلّا لما يؤدّي الطعم على حاله كالمريض ـ خ : (د). وما أثبتناه في المتن من ـ خ : (آ) هو الصحيح والمناسب لسياق الكلام.
(٢) قسّم الجمهور من الحكماء اللمس إلى قوى أربعة : الأول : القوة الحاكمة بين الحارّ والبارد. والثاني : القوة الحاكمة بين الرطب واليابس. الثالث : القوة الحاكمة بين الصلب واللين. الرابع : القوة الحاكمة بين الخشن والأملس ، بناء منهم على أنّ القوة الواحدة لا يصدر عنها أكثر من واحد.
وذهب آخرون إلى أنّه قوة واحدة تدرك جميع هذه الكيفيات ، وإليه مال العلّامة قدسسره في المناهج وعقد صدر المتألّهين قدسسره في الأسفار فصلا فيما يظنّ دخوله في الكيفيات اللمسية وليس منها قال : فمن ذلك الخشونة والملاسة والصلابة واللين وإنّما يقع الاشتباه في مثل هذه الأمور ، لعدم الفرق بين ما بالذات وما بالعرض راجع تفصيل ذلك في الأسفار ، ج ٤ ،. ص ٨٤ من الطبعة الجديدة. وأما استدلال الحكماء بادّعائهم المذكور من تقسيم اللمس إلى قوى أربعة بقاعدة الواحد لا يصدر عنه إلّا واحد فلا يصدر الكثير عن الواحد ، فهو مبني على أنّ القاعدة كلية غير مخصوصة بالواحد الحقّ الواجب بالذات ، بل تشمل كل واحد بجهته الوحدانية ، ولكن كلية القاعدة غير تامة ، وصدر المتألّهين (ره) مع ادّعائه الكلية في الأسفار في الموقف التاسع الفصل الثاني (مجلد ٧ ص ٢٠٤ طبعة جديدة) يقول في سفر النفس بعدم الكلية وبالاختصاص بالواحد الحقّ الواجب بالذات كما صرّح به الحكيم السبزواري (ره) في حواشيه على الأسفار.
وأمّا استدلال المحقق الخراساني (ره) في الكفاية في بعض المباحث الأصولية بهذه القاعدة فهو كما ترى ، فلعلّه مبني على تقدير كونها كلية ، وكان سيدنا وأستاذنا العلّامة المجاهد الأكبر في سبيل الله تعالى السيد المرجع الأعظم آية الله العظمى الحاج سيّد روح الله الموسوي الخميني القاطن اليوم في النجف الأشرف أدام الله تعالى ظله الوارف كما سمعناه في درسه ببلدة قم قائلا بعدم الكلية في القاعدة.