العلماء رضوان الله عليهم.
والخطاب في الآية الشريفة وإن كان لرسول الله صلىاللهعليهوآله كما هو دأب القرآن الكريم في أكثر آياته الكريمة تشريفا واجلالا لمقام النبي العظيم ، ولكنّ الحكم المستفاد من الآية في عدم الإطاعة للكفّار والجهاد عليهم عامّ لجميع المسلمين.
وفي الآية من الدلالة على أنّ الجهاد في سبيل الدين بالأدلّة والبراهين والكفاح مع أعداء الدين يعدّ جهادا كبيرا وكفاحا عظيما عند الله تعالى ، وقد وصفه الله تعالى بالجهاد الأكبر.
قال الشيخ الطبرسي (ره) في مجمع البيان عند قوله تعالى : (فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ ...) : «وفي هذا دلالة على أنّ من أجلّ الجهاد وأعظمه منزلة عند الله سبحانه جهاد المتكلّمين في حلّ شبه المبطلين وأعداء الدين. ويمكن أن يتأوّل عليه قوله : «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر». (١)
فقيام المتكلّمين والمتوغّلين في علم الكلام لأجل الجهاد في سبيل الإسلام والكفاح في بثّ العقائد الحقّة وإثبات المعارف الدينية وإبطال الشبهات الباطلة والتحمّل للشدائد في طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودحض شبهات المبطلين ، ولا سيما في زماننا ، في ردّ أباطيل المستعمرين وكشف زلّات المستشرقين وجناياتهم وحيلهم في نقل التواريخ الإسلامية (٢) بإقامة البراهين عليهم يعدّ جهادا كبيرا وكفاحا تامّا شديدا ، فلهم منزلة عظيمة عند الله سبحانه ولهم أجرهم عند ربّهم ، ويتوكّلون على الله سبحانه في أمرهم ، وكفى بربّهم وكيلا.
فعلم الكلام من أجلّ العلوم قدرا وأشرفها منزلة ، وفيه بيان التوحيد والتجريد وإثبات التنزيه ونفي التشبيه والتجسيم ، الذي يقول به رئيس الوهابيين ابن عبد الوهاب وأتباعه (٣).
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ٤ ، ص ١٧٥ ، طبعة صيدا.
(٢) وقد نهض بعض الأفاضل الأعلام من الحجج المعاصرين ، وهو العلّامة السديد الشيخ السعيد الطهراني دام بقاؤه في مكتبة چهل ستون بمسجد الجامع في طهران لكتابة سيرة رسول الله صلىاللهعليهوآله ودحض شبهات المستشرقين وهم أذناب المستعمرين وكشف أباطيلهم وأضاليلهم وحيلهم بالدسّ والاختلاق في تاريخ أحوال النبي العظيمصلىاللهعليهوآله مع التحقيق العميق في السيرة على ضوء العلم والتتبع. نسأل الله تعالى التوفيق له في إتمامه وأن يقيض الله تعالى همّة أهل الخير والصلاح لطبعها ليعمّ نفعها العالم الإسلامي إن شاء الله تعالى.
(٣) إنّه يعتقد أنّ الله تعالى جالس على العرش حقيقة ، فإنّ له يدا ورجلا وساقا وجنبا ، وعينا ووجها ولسانا ونفسا ، وأنّه ـ