ومن هنا يعلم أنّه ليس له ألم ولذة حسّيان ولا ألم عقلي ، إذ لا منافي له تعالى ، إذ الكل ذرّة من ذرّات جوده ورشحة من رشحات وجوده ، وأمّا اللذة العقلية فقال الحكماء بثبوتها له تعالى ؛ لأنّها إدراك الملائم وهو مدرك لذاته إدراكا تامّا ، وهي أكمل الذوات ، فيكون أجلّ مدرك لأعظم مدرك بأتمّ إدراك ، فيكون ملتذّا ، وتابعهم على ذلك بعض شيوخنا (١) ، ومنعه باقي المتكلّمين إمّا لمنع بعضهم اللذات العقلية أو لعدم ورود ذلك في الشرع الشريف.
والذي يقتضيه العقل هو (٢) عدم التهجّم على هذه الذات المقدّسة بما لا ضرورة إلى اثباته ، ولم يرد الإذن فيه.
وبالجملة البحث في هذا الباب عسر والتهجّم بإثبات ما لم يرد (٣) منه تعالى خطر.
__________________
(١) الظاهر أنّه يقصد به بعض شيوخنا الإمامية كالشيخ المتكلّم الأقدم الشيخ أبي إسحاق النوبختي قدسسره صاحب كتاب الياقوت في الكلام الذي شرحه العلّامة قدس الله روحه وسمّاه بأنوار الملكوت في شرح الياقوت وطبعته دانشگاه طهران سنة ١٣٣٨ ه ـ ش. وفي مكتبتنا نسخة نفيسة مخطوطة منه في غاية النفاسة ، والظاهر أنّها مكتوبة لبعض السلاطين الصفوية ، وتصدّت بعض المطابع في النجف الأشرف لطبع أنوار الملكوت بتحقيقنا وتعليقنا عليه مع الأستاذ الجعفري ، وطبع منه قريبا من أربعين صفحة ثمّ توقّف طبعه بسبب قفولنا إلى إيران.
قال النوبختي (ره) : المؤثّر مبتهج بالذات ، لأنّ علمه بكماله الأعظم يوجب ذلك ... وهذه المسألة سطّرنا فيها كتابا منفردا وسمّيناه بكتاب الابتهاج ، قال العلامة (ره) في شرحه : هذه المسألة ممّا وافق الشيخ أبو إسحاق فيها الحكماء وخالف الإمامية وباقي المتكلّمين فيها ... وقد ذكر المصنّف (ره) أنّه قد صنّف كتابا في هذه المسألة ولم يصل إلينا ، انتهى. وقد أشار الأستاذ الدجيلي إلى نسخة مكتبتنا من أنوار الملكوت في كتابه أعلام العرب في العلوم والفنون ، انظر ج ٢ ، ص ١١١ ، طبعة النجف.
(٢) هو ـ خ : (آ).
(٣) قال بعض المحشّين على أنوار الملكوت : والتحقيق أنّ هاهنا أمرين : أحدهما : أنّ معنى اللذة لا يوجد فيه تعالى ، وثانيهما : أن ليس لنا أن نطلق عليه هذين اللفظين ـ أي اللذة والألم ـ وما أجمع عليه الإمامية وسائر المتكلّمين ليس إلّا الثاني منهما دون الأول ، فلا يكون ما ذهب إليه المصنّف (ره) ـ يعني النوبختي ـ مخالفا لما أجمعوا عليه. انتهى.
وقال المحقق الطوسي (ره) في نقد المحصّل ص ١١٥ طبعة مصر سنة ١٣٢٣ : والتمسك بإجماع الأمة يفيد في عدم إطلاق لفظي : اللذة والألم عليه تعالى ، لأن كلّ صفة لا يقارنها الإذن الشرعي لا يوصف تعالى بها ـ