به الذات ، والمقصود به التأكيد والمبالغة.
وإنّما كنّى بالوجه عن الذات ، لأنّ المرئي من الإنسان في الأغلب ليس إلّا وجهه ، وبوجهه (١) يتميّز عن غيره ، فكأنّه العضو الذي به يتحقّق وجوده.
وأيضا إنّ المقصود من الإنسان ظهور آثار عقله وحسنه وفهمه وفكره ، ومعلوم أنّ معدن هذه القوى هو الرأس ، ومظهر آثارها هو الوجه.
وأيضا لاختصاصه بمزيد الحسّ واللطافة والتركيب العجيب والتأليف الغريب وظهور ما في القلب من الأحوال عليه فحسن الإطلاق.
وعن الثاني أنّه ليس المراد العضو ، لأنّه قديم عندهم ، والقديم لا يراد حصوله (٢) ، لأنّ الشيء الذي يراد معناه يراد حصوله ودخوله في الوجود ، وذلك في القديم والأزل محال ، بل المراد الرضا ، (٣) وإنّما كنّى به عن الرضا ، لأنّ الإنسان إذا مال قلبه إلى
__________________
(١) وبوجه ـ خ : (د).
(٢) لا يزاد حصوله ودخوله في الوجود ، وذلك في القديم الأزلي محال ـ خ ـ : (آ).
(٣) يعني رضا الله تعالى ، وقد يقال في توجيه إضافة الوجه إلى الله تعالى : أن يكون المراد ما يقصد به الله تعالى ، ويوجّه به نحو القربة إليه من الأعمال ، فلا نشرك بالله ولا ندع إلها آخر ، فإنّ كلّ فعل يتقرّب به إلى غيره ويقصد به سواه فهو هالك باطل. وهذا توجيه حسن. وأما ما ورد عن العترة الطاهرة أهل بيت العصمة حملة كتاب الله تعالى سلام الله عليهم الذين أمرنا بالرجوع إليهم في أمثال ذلك فكما يلي :
فقد روى الشيخ الصدوق رحمهالله في كتاب التوحيد ، بإسناده في حديث عن عبد السّلام بن صالح الهروي ، قال : قلت للرضا عليهالسلام : يا ابن رسول الله فما معنى الخبر الذي رووه أنّ ثواب لا إله الّا الله النظر إلى وجه الله؟ فقال عليهالسلام : يا أبا الصلت من وصف الله بوجه كالوجوه فقد كفر ولكن وجه الله أنبياؤه ورسله وحججه صلوات الله عليهم هم الذين بهم يتوجه إلى الله وإلى دينه ومعرفته وقال الله عزوجل : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) وقال عزوجل : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) فالنظر إلى أنبياء الله ورسله وحججه عليهمالسلام في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيامة. الحديث. انظر التوحيد ، ص ١١٧ والاحتجاج للطبرسي ره ج ٢ ، ص ١٩٠ ، طبعة النجف.
وروى بإسناده عن أبي حمزة ، قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : قول الله عزوجل : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) قال : فيهلك كلّ شيء ويبقى الوجه ، إنّ الله عزوجل أعظم من أن يوصف بالوجه ، ولكن معناه كل شيء هالك إلّا دينه ، والوجه الذي يؤتى منه.
وروى بسنده عن الحارث بن المغيرة النصري قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (كُلُّ شَيْءٍ