أي لا يخون نعمة ، ويكون المراد : منتظرة نعمة ربّها ، ونمنع كون الآية لبيان حال النعم ، بل حكايته حال الناس قبل استقرار أهل الجنة في الجنة ، بدليل ما بعده وهو (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) (١) على أنّا نمنع كون الانتظار موجبا للنعم ، بل للفرح (٢) والسرور ، كمنتظر خلعة (٣) الملك المتيقّن حصولها.
الثالث : قوله : (وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي) علّق الرؤية على استقرار الجبل الممكن ، والمعلّق على الممكن ممكن.
وأجيب بالمنع على (٤) تعليقها على الممكن ، والاستقرار ممكن بالنظر إلى ذاته ، لا إليه حال تجلّي الربّ له كما هو الفرض (٥) ؛ لأنّه كان عالما بتجلّيه ، وحال التجلّي كان متحركا فيكون الاستقرار حينئذ محالا ، فالمعلّق عليه محال أيضا.
الرابع : قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) (٦) واللام في (الْحُسْنى) ليس للاستغراق وإلّا لدخلت الزيادة ، وذلك يمنع عطفها ، فتكون للعهد ولا معهود بين المسلمين إلّا الجنة وما فيها من الثواب ، فتكون الزيادة مغايرة له ، وكلّ من أثبت ذلك قال : إنّه رؤية الله تعالى ، ولاستفاضته في النقل.
وأجيب أنّ المراد : المثوبة الحسنى ، وهي التي يحسن الجزاء بها ، أي القدر الواجب ، والزيادة : التفضّل لقوله : (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) (٧) وبه قال أكثر المفسّرين.
سلّمنا لكن نختار أنّ اللام للعهد فيكون المعهود هو الجنة وما فيها ، وتكون الزيادة هي الرضوان ؛ لقوله عقيب ذكر الجنة : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) (٨) ولذلك قال مجاهد :
__________________
(١) القيامة ٧٥ : ٢٤ ، ٢٥.
(٢) للفرج ـ خ : ـ (آ).
(٣) حلية ـ خ : (آ).
(٤) من ـ خ : (آ).
(٥) الغرض ـ خ : (د).
(٦) يونس ١٠ : ٢٦.
(٧) النساء ٤ : ١٧٣ ؛ النور ٢٤ : ٣٨ ؛ فاطر ٣٥ : ٣٠ ؛ الشورى ٤٢ : ٢٦.
(٨) التوبة ٩ : ٧٢.