مرادنا بالكلام النفسي ، ويقول الأخطل :
إنّ الكلام لفي الفؤاد وإنّما |
|
جعل اللسان على الفؤاد دليلا |
ضعيف أمّا الأوّل : فلأنّا نقول : لم لا يجوز أن يكون من قبيل العلوم ؛ فإنّ الصور الذهنية إمّا تصوّرات أو كيفيات تلحقها كالتصديق ونحوه ، وهي من أقسام العلم ، وحينئذ نمنع من (١) إطلاق لفظ الكلام عليها ، واصطلاحكم ليس حجّة علينا.
وأمّا الثاني : فلأنّ المراد تصوّر الكلام ، ولأنّه كلام شعري لا يفيد علما بل تخيّلا.
ثمّ إنّ تركّب الكلام من الحروف التي يعدم (٢) السابق منها بوجود اللاحق يدلّ على حدوثه ، ولأنّه يلزم تعدّد القدماء لو كان قديما ، وهو باطل.
ولقوله تعالى : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ) (٣) والذكر هو القرآن لقوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) (٤) وللزوم العبث بأمر المعدوم لو كان أزليا والكذب ب (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) (٥) الدالّ على الماضي (٦) مع أنّه لا سابق على الأزل.
فائدة : خبره تعالى صدق وإلّا لكان كاذبا ، تعالى الله عنه ؛ لأنّه قبيح كما يجيء ، والقبيح منفيّ عنه.
الثالث : كونه واحدا وهو مطلب يستدلّ عليه بالسمع ، وهو أقوى ما استدلّ به فيه، وشهرته ظاهرة ، وبالعقل أيضا ، وهو طريقان :
الأوّل : طريق الحكماء ، ولنذكر منها ما هو على الخاطر وهو وجهان.
__________________
(١) من ـ خ : (د).
(٢) يتقدّم ـ خ : (د).
(٣) الأنبياء ٢١ : ٢ ؛ الشعراء ٢٦ : ٥ (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ).
(٤) الزخرف ٤٣ : ٤٤.
(٥) نوح ٧١ : ١.
(٦) ويلزم منه إرسال نوح قبل إرساله وهو محال.