ونزيد هنا (١) أنّه لو كان له صفة زائدة على ذاته لكانت إمّا قديمة أو حادثة ، والقسمان باطلان :
أمّا الأوّل : فلما تقدّم من أنّ الواجب واحد وما عداه ممكن ، وكلّ ممكن حادث فلا قديم سواه ، وللإجماع (٢) على ذلك ، ولذلك كفرت النصارى بقولهم بقدم أقانيم ثلاثة (٣) فكيف من يثبت سبعة أو ثمانية.
وأمّا الثاني ؛ فلأنّ ذلك الحادث لا بدّ له من محدث ، فمحدثه إمّا ذات الواجب أو شيء من لوازمها بالإيجاب ، فيلزم القدم لاستحالة تخلّف المعلول عن علّته القديمة ، فيلزم قدم الحادث ، أو بالاختيار فيستدعى ذلك ثبوت صفات يتوقّف عليها الفعل ، والكلام فيها كالأوّل ويتسلسل. وإمّا غير ذاته فيلزم افتقاره إلى الغير المستلزم لإمكانه ، والكلّ باطل.
__________________
(١) ويؤيّد هذا ـ خ : (د).
(٢) والإجماع ـ خ : (د).
(٣) من القول بأنّ لله تعالى صفات زائدة كما هو مذهب الأشاعرة قد يعتذر النصارى عن التثليث ، بأنّ جمعا من المسلمين يعتقدون مثله في صفات الواجب ، فإنّ الواجب عندهم مركّب من تسعة : ذات الواجب وصفاته الثمانية.
وغير خفي على الباحث الناقد أنّ هذا الاعتذار ليس في محلّه ، فإنّه قد تحقّق عند الشيعة الإمامية كما حقّقه المصنّف (ره) في الكتاب أنّه لا وجود لغير الذات ، وأنّ الصفات عين الذات ، وصفات الواجب ليست إلّا اعتبارات تقال عليها ألفاظ في مقام التفاهم ، وليست الصفات أمرا غير الذات في الحقيقة.
نعم يمكن أن يقال : إنّ هذا الاعتذار قد يصحّ على مذهب الأشاعرة القائلين بأنّ الصفات غير الذات ، وهو باطل عندنا كما أوضحه المصنّف (ره) بل التحقيق أنّه فرق واضح بين مذهب الأشاعرة ومذهب النصارى في الأقانيم ، فشتّان بين القول بأنّ الأب في السماء والابن في الأرض والروح القدس ترفرف على الخليقة والكلّ واحد في حين أنّ لكلّ واحد وجودا مستقلّا ، وبين ما يقول الأشعري : إنّ الواجب واحد متّصف بصفات متعدّدة ، ولكن لا يهمنا الدفاع عن الأشاعرة ؛ فإنّ كلا القولين : تثليثا كان أو تسبيعا أو تثمينا أو تتسيعا ، باطل عندنا بالبراهين الواضحة من العقل والنقل ، والحمد لله تعالى.