أضعافا مضاعفة ، نختار الألم معها ، وهذا وجه حسن كاف فيه وإن كان منقطعا ، ولأنّا في الشاهد (١) يحسن منّا ركوب الأهوال الخطرة كالبحر لنفع منقطع نزر.
وأوجب أبو علي دوامه وإلّا لتألّم صاحبه بانقطاعه فيعوض فينقطع فيتسلسل ، وبأنّه لو كان كذلك لوجب إيصاله في الدنيا ؛ لأنّ منع الواجب لا لمانع من إيصاله باطل.
وجواب الأوّل بالمنع من تألّمه ؛ لجواز إيصاله على التدريج بحيث لا يشعر بانقطاعه كما يجيء بيانه ، وأنّه يجعله ساهيا ثمّ يقطعه فلا يتألّم. وأمّا الثاني ؛ فلاحتمال مصلحة التأخير.
الثاني : كيفية إيصاله ، إنّ المظلوم إن كان من أهل الجنة فرّق الله أعواضه على الأوقات أو يفضّله (٢) عليه بمثلها بحيث تصير دائمة ، وإن كان من أهل العقاب أسقط بها جزء من عقابه ؛ لأنّه لا فرق بين حصول المنافع ودفع المضارّ ، ويفرّق ذلك الإسقاط على الأوقات بحيث لا يظهر له التخفيف.
الثالث : لا يجب إشعار صاحبه به ؛ لأنّه مجرّد نفع والتذاذ لا يجب فيه تعظيم ، بخلاف الثواب الواجب لاشتماله على التعظيم وهو لا يحصل إلّا مع الشعور به.
الرابع : أنّه لا تتعيّن منافعه في نوع دون آخر ، بل أيّ نوع من الالتذاذ والشهوة حصل كفى ، بخلاف الثواب فإنّه يجب أن يكون من جنس ما ألفه المكلّف من ملاذّه كالأكل والشرب والنكاح ؛ لأنّه هو الذي رغب فيه في تحمّل المشاقّ.
الخامس : إنّه هل يصحّ (٣) إسقاطه؟ الحقّ جوازه منّا دنيا وآخرة في حقّ الظالم لنا ؛ لأنّه حقّ للمتألّم وفي هبته نفع للظالم وإحسان إليه ، وكلّ احسان حسن ، وهو قول أبي الحسين.
ومنع القاضي وأبو هاشم من ذلك ؛ لأنّا لا نقدر على استيفائه ولا نعلم مقداره فحالنا فيه كحال الصبي المحجور عليه.
__________________
(١) أي فيما نشاهده عيانا فكذلك فيما لا نشاهده.
(٢) أو تفضّل عليه ـ خ : (آ).
(٣) يجوز الإسقاط ـ خ : (آ).