فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ) (١) ورد (٢) أنّ سببها أنّه عليهالسلام تمنّى التقرّب إلى قومه بما يسرّهم ، فلمّا قرأ في النجم (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) (٣) ألقى الشيطان في قراءته تلك الغرانيق العلى وإنّ شفاعتهن لترتجى ، فسرّت بذلك قريش وقالت : ذكر آلهتنا بأحسن الذكر ، فلمّا وصل السجدة سجد هو والمسلمون وتبعهم المشركون أيضا لسرورهم ، فجاء جبرائيل عليهالسلام فأخبره بذلك فحزن ، فأنزلت الآية في الحجّ تسلية له ، وذلك صريح في تمنّي الإضلال الذي هو بصدد خلافه.
والجواب : أنّ نسبة هذه الحكاية إليه عليهالسلام فظيع شنيع (٤) خصوصا مع وقوع الاتّفاق على وجوب العصمة في تبليغ الرسالة ولو سهوا ، وهذا من جزئياته ، فيكون ذلك الكلام الذي وقع إمّا منه كذبا أو منه تعالى ، والقسمان باطلان اتّفاقا فيحتاج في تتمّة الجواب إلى أمرين :
الأوّل : بيان حال آية النجم فنقول : تقرّر في الأصول أنّ خبر الواحد إذا اقتضى علما وفي الأدلّة القطعية مخالفته (٥) يجب ردّه ، وإلّا لكان تكليفا بالمحال ، وهذا الوارد من هذا القسم لمخالفته الأدلّة القاطعة بعصمة الأنبياء عليهمالسلام فيجب ردّه.
أمّا على تقدير تسليم الخبر فيمنع (٦) أنّه عليهالسلام هو القائل لذلك ، لجواز أن يكون القائل بعض المشركين القريبين من مكانه فاشتبه بقوله ؛ وذلك لأنّه لما قرأ أوّل الآية وذكر آلهتهم توهّموا أنّه يذكرها بعد ذلك بما يسرّهم (٧) لما جرت عادته به ، فقال ذلك معارضا لهعليهالسلام ،
__________________
(١) الحج ٢٢ : ٥٢.
(٢) ورد ـ خ : ـ (آ) ـ خ : (د) وفي ـ خ : ـ (د) علامة التشديد. والظاهر أنّه اشتباه من النساخ والصحيح : وورد أنّ سببها ... كما يظهر ما ادّعيناه من تنزيه الأنبياء للسيد قدسسره انظر ص ١٠٩ طبعة تبريز سنة ١٢٩٠.
(٣) النجم ٥٣ : ٢٠.
(٤) فظيع شنيع ـ خ : (د). تشنيع ـ خ : (آ).
(٥) مخالفة ـ خ : (آ).
(٦) فيمتنع ـ خ : (آ).
(٧) يسؤهم ـ خ : (آ).