والجواب : من وجهين : الأول : أنّ الخطاب لأمّته كإيّاك أعني واسمعي يا جارة. الثاني: أنّ استلزام الشرك للإحباط لا يستلزم وقوعه ؛ لأنّ صدق الشرطية بصدق الاتّصال لا بصدق الطرفين ووقوعهما ، فقد تتركّب من محالين.
الحادي عشر : قوله تعالى : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ) ـ إلى قوله ـ : (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ) (١) وقوله : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللهُ) (٢) وهذا يدلّ على وقوع الشكّ والنسيان منه عليهالسلام.
والجواب عن الأوّل بالمنع من وقوع الشكّ منه ؛ فإنّ الشرطية لا تستلزم وقوع الطرفين كما تقدّم (٣) من أنّها تتركّب من محالين ، كقولنا : إن كان زيد حجرا فهو جماد (٤).
وفائدة رجوعه إلى أهل الكتاب أنّه مذكور عندهم بصفاته وعلاماته ، فأمره بسؤالهم(٥) ليقف عليها ويزداد يقينه ويلزم المنكرين منهم بها ، أو ليقف على سيرة
__________________
(١) يونس ١٠ : ٩٤.
(٢) الأعلى ٨٧ : ٦ ، ٧.
(٣) كما قلنا ـ خ : (آ).
(٤) فاعلم أنّ في آية : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ) الخ ، وغيرها من الآيات الكثيرة ظاهر الخطاب للنبيّصلىاللهعليهوآله تعظيما لمقامه وإعزازا له وتشريفا لمكانه ، ولكن المراد هو الإفهام للخلق ، يشهد به قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) والخطاب والنداء للنبي صلىاللهعليهوآله وحده ، والمراد إفهام حكم الطلاق لأمته ، فكذا الحال في الآية الشريفة : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا) الخ فالله سبحانه يخاطب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والنظر إلى الإفهام للناس ، فالمعنى فإن كنتم في شكّ فاسألوا ، والدليل عليه قوله تعالى في آخر السورة : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ (كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ») الآية فأعلم الله سبحانه أنّ نبيّه صلىاللهعليهوآله ليس في شكّ.
(٥) تيسيرا ـ خ ل ـ خ : (د) قوله : ليقف عليها ويزداد يقينه هكذا وقعت العبارة في النسختين (د) و (آ) ولكن فيها مسامحة واضحة ، ولعلّها فكما يلي : ليقف عليها المنكرون ويحصل لهم اليقين بها ويلزم النبيصلىاللهعليهوآله المنكرين منهم بها ، أي ليقف على سيرة الأنبياء السابقين عليه بحسب ظاهر نقل الذين يقرءون الكتاب أيضا تسلية له صلىاللهعليهوآله ، لا أنّ للنبي صلىاللهعليهوآله احتياج في الوقوف على سيرة الأنبياء لنقلهم ، ولكن غير خفي أنّ عمدة فائدة إرجاعه إلى أهل الكتاب : أنّ الخطاب من قبيل إياك أعني واسمعي ... الخ كما مرّ.