الْمُقَرَّبُونَ) (١) ولقوله : (وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) (٢) ، ولأنّهم أعلم بالله ، لقول عليعليهالسلام : هم أعلم خلقك بك وبتقديمهم في الذكر على الأنبياء في مواضع كثيرة في القرآن ، ويمكن التكليف لأجوبة هذه ، لكن الأولى عندي الاستدلال على المدّعى بإجماع الفرقة لدخول المعصوم عليهالسلام فيهم.
ثمّ اعلم أنّ هنا فوائد :
الأولى : أنّ الملائكة عليهمالسلام معصومون ، أمّا الرسل منهم فلأنّه لولاه لما أمن تغيير الشرع وتبديله ، وأمّا غيرهم فلقوله في الخزنة : (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) (٣) وكلّ من قال بها فيهم قال بها في غيرهم ، والإجماع.
الثانية : أنّهم أجسام شفّافة نورانية قادرة على التشكّل بالأشكال ، مجبولون على الخير والطاعة فاعلون لذلك اختيارا ؛ لدلالة النقل والإجماع على ذلك.
الثالثة : أنّ الأنبياء عليهمالسلام يعلمون كون الآتي إليهم ملكا رسولا من عند الله بأمور :
الأوّل : أن يخلق الله تعالى فيهم علما ضروريّا بذلك.
الثاني : أن يخلق المعجز على يده ليدلّ على صدقه ، كما في حقّ النبيّصلىاللهعليهوآله عندنا ، فيكون ذلك واجبا عليه تعالى وإلّا لكان ناقضا لغرضه.
الثالث : (٤) أن يعمل عملا يعلم به ذلك ككشف العورة ورأس المرأة ، فإنّ الملك
__________________
(١) الواقعة ٥٦ : ١١ ، ١٠.
(٢) الأنعام ٦ : ٥٠.
(٣) التحريم ٦٦ : ٦.
(٤) هذا الأمر الثالث ممّا لا وجه له ، ولعلّه مأخوذ من الخرافة التي نقلها جمع من العامة في ضمن الأحاديث الموضوعة ، التي اختلقوها في بعض كتبهم وتواريخهم ونسبوها إلى قدس رسول الله صلىاللهعليهوآله في ابتداء زمان الوحي ، وذكروها بقولهم : وقالت خديجة لرسول الله صلىاللهعليهوآله فيما تثبته فيما أكرمه الله به من نبوّته : يا ابن عمّ أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك قال : نعم فجاءه جبرائيل فأعلمها ، فقالت : قم فاجلس على فخذي اليسرى فقام فجلس عليها ، فقالت : هل تراه؟ قال : نعم قالت : فتحوّل فاقعد على فخذي اليمنى فجلس عليها ، فقالت هل تراه؟ قال : نعم فتحسّرت فألقت خمارها ورسول الله صلىاللهعليهوآله في حجرها ، ثمّ قالت : هل تراه ، قال لا : قالت : يا ابن عمّ اثبت وابشر فو الله إنّه ملك وما هو بشيطان. ورواه مؤرّخهم الكبير الطبري مع هذر كثير في تاريخه المشهور المشحون من الأباطيل والأكاذيب ، وهذه ـ