لرئيس معين لا مطلق الرئيس الذي دلّت الضرورة على حصول اللطفية بنصبه.
وعن الثاني : بأنّه وإن لم يكن نصبه منّا ، لكن اعتقاد وجوبه منّا ، فيأتي الجواب أيضا.
وعن الثاني : أنّ التجربة دلّت على التعيين ، كما أشرنا إليه من الملازمة بين نصبه وعدمه وبين الصلاح والفساد ، ولأنّ التجاء العقلاء في سائر الأمصار والأعصار عند الهرج والمرج إلى نصب الرؤساء ، دليل على أنّه لا يدلّ لها وإلّا لالتجئوا إليه وقتا ما.
وعن الثالث : بالمنع من أنّ لطفيته بالاعتبار الثاني بل بهما معا ولا بدل له ؛ لأنّه أقوى في المقصود.
وعن الرابع : بأنّ الدين والملك توأمان لا ينفع أحدهما بدون الآخر ، فاقتضت الحكمة وجودهما في شخص واحد ، وإلّا لزم نقض غرض الحكيم عند انفكاك العالم المجتهد عن السلطان وحضور الواقعة المحتاجة إلى الفتوى والحكم معا في الحال (١).
__________________
(١) وقد أشار الشيخ المصنّف (ره) في هذه الكلمات الموجزة إلى مسألة مهمّة ، وهي عدم فصل الدين الإسلامى المقدّس عن السياسة والحكومة ، وهي من المسائل التي لها أهميتها في الإسلام على ما وضع عليها حجرها الأساسي صاحب الرسالة المقدّسة صلىاللهعليهوآله بعد هجرته إلى المدينة المنورة ، وقد اهتم الغاصبون للخلافة الإسلامية بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله غاية الاهتمام بفصل الدين عن السياسة حبّا وطمعا بالرئاسة مع أنّ رسول اللهصلىاللهعليهوآله لما ورد إلى المدينة وأسّس الدولة الإسلامية كان الدين والملك توأمان ، وأمّا بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله فقد اهتمّ المنافقون في فصل الدين عن السياسة بسلب الخلافة الإسلامية عن أهلها ، وقد تقمّصها من هو غير أهل لها ، ومع ذلك لم يكن فصل الدين عن الحكومة إلّا في الرئاسة ، وأمّا في العمل بالقوانين الإسلامية لم يكن فصل بينهما.
ثمّ صارت الخلافة ملكا عضوضا وسلطنة كسروية وقيصرية بيد الشجرة الملعونة بني أمية الملوك الجبابرة الغاشمة باسم الدين والخلافة الدينية ، وانكفأ الإسلام في زمانهم كما يكفأ الإناء بمائه ، ولا تزال هذه السنّة السيئة مستمرة في زمن بني العباس وبعدهم إلى يومنا هذا ، ولكن مع ذلك كلّه كانت السيادة في الحكومة للإسلام حتّى في زمن الأتراك العثمانيين وكما كان كذلك في إيران إلى زمن القاجاريين ، ولكن فصل الدين عن السياسة وهو على خلاف أساس الإسلام ، صار في هذه العصور المتأخّرة بيد الحكومات المسيطرة على البلاد الإسلامية ، بإيعاز من الاستعمار الغربي عمليا بعدم العمل بأحكام الإسلام والقرآن ولا سيما في القوانين الجنائية ، ويهتمّ الاستعمار بوساطة أذنابه في فصل الدين عن السياسة ليتخلّص عن الإسلام ، ويستطيع بالخلاص منه أن يستمر باستغلاله للمسلمين واستثماره بلادهم ، فإنّ من نياتهم الممقوتة الكافرة ـ