الثالث : منّا وهو الانقياد له والطاعة ، وهذا لم يحصل ، فعدم اللطف التامّ منّا.
[البحث] الثاني (١) : في صفاته ، وهي أنواع : [النوع] الأوّل : العصمة وقد تقدّم تفسيرها ودليل وجوبها من وجوه :
الأوّل : لو لم يكن معصوما لزم التسلسل ، واللازم باطل فكذا الملزوم.
بيان الملازمة : أنّ علّة حاجة المكلّفين إلى نصبه ليس إلّا عدم عصمتهم ، فلو كان غير معصوم لاحتاج إلى إمام معصوم آخر ويتسلسل وينتهي إلى إمام معصوم ، وهو المطلوب.
لا يقال : نمنع احتياجه إلى إمام آخر عند عدم عصمته ، بل ذلك مع عدم مانع آخر من إقدامه أمّا مع وجوده كخوف العزل مثلا فلا ، سلّمنا ، لكن لم لا يكون هو لطفا لكل واحد من الأمة ومجموع الأمة لطفا له ، ولا يلزم الدور لاختلاف جهة التوقف ، سلّمنا ، لكن ينتقض ما ذكرتم بالنائب (٢) البعيد ، فإنّه مشارك للإمام في نفوذ حكمه على غيره وعدم نفوذ حكم غيره عليه ؛ لعدم علم الإمام بالغيب (٣) ، مع أنّه ليس بواجب العصمة.
لانّا نجيب عن الأوّل : أنّ من عرف العوائد عرف أنّ الرعية لا تتمكّن من عزل واحد من الأمراء الظلمة ، فكيف يتمكّنون من عزل حاكم الحكام ، سلّمنا أنّ الخوف مانع لكن
__________________
(١) أي البحث الثاني من المقصد الثاني.
(٢) بالغائب البعيد ـ خ : (آ) أي نائب الإمام ـ هامش ـ خ : (آ).
(٣) وفي عقيدتنا عدم علم الإمام بالغيب إنّما هو بالذات ، فإنّ علم الغيب بالذات منحصر على الله تعالى ، وأمّا مع تعليم الله تعالى الغيب للإمام بواسطة رسوله صلىاللهعليهوآله فهو يعلم الغيب ، وهو تعلّم من ذي علم ، وورد الاستثناء في القرآن الكريم : (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) والإمام كالنبي في جميع الأوصاف إلّا النبوّة ، بخلاف نائبه فإنّه ليس كالنبي أو الإمام ، فظهر الفرق بين الإمام ونائبه ، فلا بدّ في الإمام من العصمة دون نائبه.
وليعلم أنّ علمه الغيبي الباطني لا يكون متعلّقا للتكليف ، وإنّما تعلّقه بعلمه الظاهري ، الذي يحصل له من الأسباب والعادات الظاهرية كسائر البشر ، نعم إن أراد الإمام في مورد العمل بعلمه الواقعي الباطني نظرا إلى بعض المصالح فلا مانع منه ، ولكنه كما قلناه ليس بمتعلّق التكليف وتفصيل الكلام في محلّه.