لقوله تعالى : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً)
لا يقال : المراد عهد النبوّة فلا يلزم المطلوب ، سلّمنا لكن لا يناله حال ظلمه لا مطلقا ومرادكم هو الثاني.
لأنّا نجيب عن الأوّل : أنّ الإمامة تطلق على معنيين : عامّ بحيث تشتمل النبوة كما تقدّم ، وخاصّ وهو هذا الباب ، فإن كان المسلوب عهد الأولى وكان سلبا للعام وهو ملزوم لسلب الخاص فيحصل المطلوب ، وإن كان عهد (١) الثانية فالمطلوب حاصل.
وعن الثاني : قد تقرّر في المنطق أنّ صدق عنوان الموضوع لا يشترط أن يكون دائما بل إمّا حال الحكم أو قبله أو بعده فيحصل المطلوب.
النوع الثاني : أن يكون أفضل أهل زمانه في سائر الكمالات وإلّا لكان إمّا مساويا أو مفضولا ، والأوّل ترجيح بلا مرجّح وهو باطل ، والثاني قبيح عقلا ونقلا كما تقدّم فيدخل في هذا وجوب كونه أعلم وأعفّ وأشجع ؛ لرجوع الكمالات النفسانية إلى العلم والعفّة والشجاعة ، التي مجموعها هو العدالة المطلقة ، وكذا يجب تنزيهه عن كلّ ما ينفر عنه من الصفات المذكورة في النبوّة فإنّ الدليل بعينه قائم هنا.
[النوع] الثالث : أن يكون منصوصا عليه ، لوجهين :
الأوّل : كلّ ما وجب كونه معصوما وأفضل وجب كونه منصوصا عليه ، لكن المقدّم حقّ فالتالي مثله ، أمّا حقية المقدّم فقد تقدّمت ، وأمّا بيان الشرطية فلأنّ العصمة أمر خفي لا يطّلع عليها غير علّام الغيوب ، وكذا الأفضلية ؛ لأنّ كثرة الثواب لها مدخل في
__________________
ـ أمثال هذه الخدمات الجليلة التي قلّما يتفق مثلها لأحد من معاصريه. قال المحشّي في ذيل الصفحة المذكورة : أخرجه من طريق مؤلفنا ابن المغازلي في تفسير اللوامع ١ / ٦٢٩ طبعة لاهور ، ورواه الحميدي من حديث ابن مسعود على ما في المناقب المرتضوي ٤١ طبعة بمبئي.
أقول : وأخرجه الشيخ ابن أبي جمهور الأحسائي (ره) في كتابه معين المعين ـ المخطوط الموجود في مكتبتنا ـ عن كتاب المناقب لابن المغازلى.
(١) الإمامة الثانية ـ خ : (د).