ولا البراءة الأصلية وإلّا لارتفعت الأحكام ، فيتعيّن الإمام فيكون معصوما وإلّا لما أمن التغيير والتبديل.
الثالث : لو لم يكن معصوما لجاز عليه الخطأ فلنفرض وقوعه ، وأمّا أن ينكر عليه فيسقط محلّه من القلوب فيضادّ الأمر بطاعته ، وفات الغرض من نصبه ولزم انحطاط درجته عن أقلّ العوام ؛ لكون عقله وعلمه أكمل من غيره ، فلو وقعت المعصية منه لزم أن يكون أقلّ منهم ، واللوازم محالة فكذا الملزوم.
إن قلت : ذلك كلّه لازم من الوقوع والجائز لا يكون واقعا.
قلت : اللطف الباطني لا يتمّ مع الجواز كما تقدّم.
الرابع : غير المعصوم ظالم ، ولا شيء من الظالم بصالح للإمامة ، فغير المعصوم ليس بصالح للإمامة ، وهو المطلوب.
بيان الصغرى : أنّ الظلم وضع الشيء في غير موضعه (١) وغير المعصوم كذلك.
وأمّا الكبرى فلقوله تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (٢) والمراد عهد الإمامة (٣)
__________________
(١) هنا تعليق يأتي في إضافاتنا من التعليقات على آخر الكتاب إن شاء الله تعالى.
(٢) البقرة ٢ : ١٢٤.
(٣) كما أنّ هذا المراد هو المستفاد من السنة أيضا. ولنا أن نستدل بهذه الآية على أنّ كون الإمامة معينة في عليّعليهالسلام ؛ لأنّ العصمة لا تثبت لأحد غيره فنقول : ذرية إبراهيم عليهالسلام انتهت إلى محمد صلىاللهعليهوآله وعليّ عليهالسلام ، بدليل ما رواه كبير علماء أهل السنة الفقيه الحافظ ابن المغازلي الشافعي الواسطي البغدادي المتوفى ٤٨٣ في كتاب المناقب بإسناده إلى عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أنا دعوة أبي إبراهيم قلنا : يا رسول الله وكيف صرت دعوة أبيك إبراهيم؟ قال : أوحى الله عزوجل إلى إبراهيم : إنّي جاعلك للناس إماما. فاستخفّ إبراهيم الفرح قال : يا ربّ ومن ذريتي أئمة مثلي فأوحى الله إليه أن يا إبراهيم إنّى لا أعطيك عهدا لا أفي لك به ، قال : يا ربّ ما العهد الذي لا تفي لي به؟ قال : لا أعطيك لظالم من ذريتك. قال إبراهيم عندها :
(وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : فانتهت الدعوة إليّ وإلى عليّ لم يسجد أحد منّا لصنم قطّ ، فاتّخذني الله نبيا واتّخذ عليا وصيا ـ انظر المناقب ، ص ٢٧٦ ـ ٢٧٧ طبعة طهران سنة ١٣٩٤. أمر بطبعه سيدنا الأستاذ الأعظم المرجع الأكبر السيد النجفي المرعشي أدام الله ظلّه الوارف ، وانتشر هذا السفر الجليل بعد قرون ببركات وجوده المقدس. وكم له من ـ