الأوّل وعقل الكلّ ، والنبي مظهر النفس التي يقال لها : نفس الكل ، والإمام هو الحاكم على عالم الباطن ، ولا يصير غيره عالما بالله إلّا بتعليمه إيّاه ، والنبي هو الحاكم في عالم الظاهر ولا تتمّ الشريعة التي يحتاج الناس إليها إلّا به ، ولشريعته تنزيل وتأويل ظاهره التنزيل وباطنه التأويل ، والزمان لا يخلو إمّا عن نبي وإمّا عن شريعة ، وأيضا لا يخلو عن إمام ودعوته (١) وهي ربّما تكون خفية مع ظهوره إلّا أنّها تكون ظاهرة (٢) مع خفائه البتة ؛ لئلّا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل. وكما يعرف النبي بالمعجز القولي أو الفعلي كذا يعرف الإمام بدعوته إلى الله وبدعواه (٣) أنّ المعرفة بالله تعالى لا تحصل إلّا به ، والأئمّة ذرّية بعضها من بعض ، فلا يكون إمام إلّا وهو ابن إمام ، ويجوز أن يكون للإمام أبناء ليسوا بأئمّة ، ولا يخلو زمان من إمام إمّا ظاهر وإمّا مستور ، كما لا يخلو زمان من نور نهار وظلمة ليل لم يزل العالم هكذا ولا يزال ، وطريقهم التأليف بين أقوال الحكماء وأقوال أهل الشرائع فيما يمكن أن يؤلّف بينهما ، وأمّا تعيين الأئمّة فقد حكينا عنهم فيما تقدّم. وهؤلاء كما ترى لا حجّة لهم فيما يدّعونه في هذه المقامات
__________________
(١) أو عن دعوته ـ بعض نسخ قواعد العقائد.
(٢) اي الدعوة لا بدّ أن تكون ظاهرة مع خفائه. وحاصل الكلام جواز خفاء دعوته مع ظهوره وعدم جواز خفاء دعوته مع خفائه عليهالسلام بنفسه ؛ لأنّ إتمام الحجّة على الله واجب ولا يتمّ مع خفائه وخفاء دعوته أو العكس فالحجّة قائمة. هذا وأمّا تصور خفائه وظهور الدعوة فبأن يقال : إنّه عليهالسلام يجعل أفئدة من الناس تهوي إليه بحيث يدعونه سرّا وعلانية ، أو إنّه يجعل ألسنة الناس معترفة به ، أو إنّه يظهر دعوته بنصب النوّاب عامّا أو خاصّا ، أو إنّه يأتي بإلقاء الخلاف المجمعين على الحكم المخالف للواقع كذا في بعض الحواشي.
قلت : إنّ الإسماعيلية الباطنية خلطوا الحقّ بالباطل ، وفي عقائدهم اختلط الحابل بالنابل ، كما سيشير إليه المصنّف قدسسره بقوله : وطريقهم التأليف بين أقوال الحكماء وأقوال أهل الشرائع فيما يمكن أن يؤلّف بينهما. وكما يظهر ذلك من كتاب رسائل إخوان الصفا ، وهو من تأليفهم.
والجدير بالذكر أنّ نسبة أكثر فرق الإسماعيلية كالقرامطة والخرمية والبابكية وغيرها إلى الشيعة كما فعله ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس ، ص ١٠٣ ـ ١٠٥ من الأكاذيب والمختلقات ، فإنّهم يباينونهم في الأساسيات ، ولا شكّ أنّ عقائد القرامطة من الكفريات المأخوذة من المجوس ، وقد ألصق أكثر تلك الفرق إلى الشيعة أرباب كتب الملل والنحل كسائر الفرق المنحوتة التى ألصقوها بهم كذبا واختلافا.
(٣) ويدعون ـ خ : (آ).