في بطلان مذاهبهم (١) انقراضهم ، وأمّا الغلاة فلقولهم بالحلول والاتّحاد والتجسيم خرجوا عن الملّة ، وبطلت مقالتهم ببطلان ذلك وقد تقدّم (٢).
وأمّا الإسماعيلية (٣) فنقول : نقل الأستاذ المحقق الطوسي رضوان الله عليه (٤) في حكاية مذهبهم : أنّهم يقولون : كلّ ظاهر فله باطن يكون ذلك الباطن مصدرا ، وذلك الظاهر مظهرا له ، ولا يكون ظاهر لا باطن له إلّا ما هو كالسراب ، ولا باطن لا ظاهر له إلّا خيال لا أصل له.
ومذهبهم أنّ الله تعالى أبدع بتوسّط معنى يعبّر عنه بكلمة «كن» أو غيرها عالمين : عالم الباطن وهو عالم الأمر ، وعالم الغيب ويشتمل على العقول والنفوس والأرواح والحقائق كلّها ، وأقرب ما فيها إلى الله تعالى هو العقل الأوّل ثمّ ما بعده على الترتيب ، وعالم الظاهر ، وهو عالم الخلق وعالم الشهادة ، ويشتمل على الأجرام العلوية والسفلية والأجسام الفلكية والعنصرية ، وأعظمها العرش ثمّ الكرسي ثمّ سائر الأجسام على الترتيب. والعالمان ينزلان من الكمال إلى النقصان ، ويعودان من النقصان إلى الكمال حتّى ينتهيا (٥) إلى الأمر ، وهو المعنى المعبّر عنه بكلمة «كن» وتنتظم بذلك سلسلة الوجود الذي مبدؤه من الله تعالى ومعاده إليه.
ثمّ يقولون : إنّ الإمام هو مظهر الأمر وحجّته ، مظهر العقل الذي يقال له العقل
__________________
(١) مقالتهم ـ خ : (د).
(٢) انظر صفحة : ـ ١٧٣ ـ ١٧٥.
(٣) الإسماعيلية : أتباع اسماعيل بن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام ، وتوفّي في حياة أبيه بلا خلاف كما يشهد به التواريخ والأحاديث ، وذلك في سنة ١٤٥ أو سنة ١٣٣ على قول ضعيف ، ووفاة الإمام الصادق عليهالسلام في سنة ١٤٨ بإجماع المؤرّخين من الفريقين وصلّى عليه أباه عليهالسلام ودفنه ونزل معه في قبره ، وكشف عن وجهه بعد ما فرغ عن غسله ، وأراه الناس ليحصل لهم اليقين بموته فكيف تثبت إمامته مع ثبوت إمامة أبيه؟ وكانت ولادة إسماعيل سنة ١٠١ ويرى بعضهم أنّه توفي ١٣٨ ، وهو أيضا قول ضعيف ، وأمّا القول : إنّ إسماعيل توفّى سنة ١٥٩ فممّا لا أصل له ويعدّ من الأغلاط ، فإنّ وفاته في حياة أبيه عليهالسلام من اليقينيات.
(٤) قاله المحقّق الطوسي قدسسره في كتابه : قواعد العقائد وقد شرحه تلميذه آية الله العلّامة قدّس الله روحه وسمّاه : كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد وهو مطبوع على الحجر.
(٥) ينتهي ـ خ : قواعد العقائد.