بل كان فيهم عبّاد وزهّاد كسلمان وأبي ذرّ وغيرهما ، هم تلامذته وأتباعه ، فيكون أفضل من كلّ واحد منهم ، وهو المطلوب.
الثاني : الجهاد فنقول : كان عليهالسلام أكثر جهادا ، وكلّ من كان كذلك كان أفضل.
أمّا الصغرى فيمكن فيها دعوى الضرورة ، فإنّ أحدا لا ينكر أنّ أكثر وقائع الرسولصلىاللهعليهوآله وفتوحه كانت على يد عليّ عليهالسلام ، وبلاؤه وعناؤه بين يديه في يوم أحد وبدر وحنين وغيرها أمر لا يدفعه إلّا مكابر.
وأمّا الكبرى فلقوله تعالى : (فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً) (١) وهذا البيان فيه كفاية في المطلوب ، غير أنا نذكر صورتين تدلّان على أفضليّة عليّعليهالسلام على غيره :
الأوّل : ضربته لعمرو بن عبد ودّ التي قال فيها رسول الله صلىاللهعليهوآله : «لضربة عليّ يوم الأحزاب أفضل من عبادة الثقلين» فليت شعري كم يكون نصيب كلّ واحد من الصحابة من عبادة الثقلين من جهاد وغيره حتّى تنسب إلى جهاد عليّ عليهالسلام؟.
الثاني : روت الرواة في قصّة خيبر : أنّه صلىاللهعليهوآله بعث أبا بكر فرجع منهزما ، ثمّ بعث عمر فرجع أيضا منهزما (٢) ، وبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله فبات ليلته مهموما ، فلمّا أصبح خرج إلى الناس ومعه الراية فقال : «لأعطينّ الراية اليوم رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله كرّار (٣) غير فرّار» فتعرّض لها المهاجرون والأنصار فقال صلىاللهعليهوآله :
__________________
(١) النساء ٤ : ٩٥.
(٢) ومن المضحك ما ذكره بعض المؤرخين كأبي الفداء : أخذ أبو بكر الصدّيق الراية ، فقاتل قتالا شديدا ، ثم رجع فأخذها عمر بن الخطاب فقاتل قتالا أشدّ من الأوّل ، ثمّ رجع ـ انظر المختصر في أخبار البشر ، ج ٢ ، ص ٤٤ طبعة بيروت.
ليت شعري أين وقع هذا القتال حتّى كان الثاني أشدّ من الأوّل؟ ولعلّه كان في عالم الخيال تخيّله صاحب التاريخ من شدّة محبته للشيخين. والجدير بالذكر أنّه لم يعبّر أنّهما «فرّا» بل عبّر بالرجوع ، وبتغيير التعبير لا يتغيّر الفرار من الزحف ، وهو من الكبائر الموبقة قال ابن أبي الحديد :
وإن أنس لا أنس الذين تقدّما |
|
وفرّهما والفرّ قد علما حوب |
(٣) كرّارا ـ خ : (د).