نفسه وأخذ عطاياه وأظهر موالاته مع فجور معاوية ، وكان قد بايعه خيار الصحابة وأفاضل المسلمين حتّى قال له سليمان بن صرد : ما ينقضي تعجّبنا من بيعتك لمعاوية ومعك أربعون ألف مقاتل من أهل الكوفة ، ومعهم أبناؤهم سوى شيعتك من أهل البصرة والحجاز.
والجواب : أمّا الصلح فلأنّه فعله اضطرارا ؛ لأنّ أكثر أصحابه كانوا غير مخلصين ومالوا إلى دنيا معاوية ، وأظهروا له عليهالسلام النصرة وحملوه على الحرب ليورّطوه ويسلموه ، فلمّا أحسّ عليهالسلام بذلك صالح تحرزا من المكيدة وأجاب معاوية ، ولمّا عوتب قال : إنّما هادنت حقنا للدماء وصيانتها وإشفاقا على نفسي وأهلي والمخلصين من أصحابي ، وكان الذي جرى من مكيدة معاوية وحكاياته مع عبيد الله بن عباس ، وقيام الخوارج على الحسن عليهالسلام مشهور ، والصلح (١) مع الضرورة جائز كما فعله رسول الله صلىاللهعليهوآله في الحديبية. وأمّا البيعة فإن أردت بها الصفقة وإظهار الرضى للضرورة ، فقد وقعت كما وقعت من أبيه عليهالسلام للشيوخ الثلاثة ، ولا يضرّنا ذلك. وإن أردت الرضى بالقلب فباطل ، فإنّه لم يقع ، ولهذا لمّا طلب معاوية الكلام وإعلام الناس ما عنده حمد الله وأثنى عليه وقال : إنّ أكيس الكيّس التقى وأحمق الحمق الفجور ، أيّها الناس لو أنّكم طلبتم من جابلق وجابرس (٢) رجلا جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله ما وجدتموه غيري وغير أخي ، وأنّ الله قد هداكم بأولياء محمّد صلىاللهعليهوآله ، وأنّ معاوية نازعني حقّا هو لي فتركته لصلاح الأمّة (٣) وحقن دمائها ، وقد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت ، وقد رأيت أن أسالمه ، وأن يكون ما صنعت حجّة على من كان يتمنّى هذا الأمر ، وإن
__________________
(١) هنا تعليق يأتي في آخر الكتاب.
(٢) جابلق بالباء الموحدة المفتوحة وسكون اللام وفي النسختين (د) و (آ) جابلص باللام والصاد المهملة ، قال ياقوت في معجم البلدان ، وفي رواية : جابلص ، والظاهر هو ما في تلخيص الشافي ومعجم البلدان وغيرهما : «جابرس» بالراء والسين المهملة انظر تلخيص الشافي ، ج ٤ ، ص ١٧٧ ومعجم البلدان ـ نفس المادة ، وأثبتنا ما هو المشهور.
(٣) صلاحا للأمة ـ خ : (د).