الأوّل : أنّا نحكم على ذواتنا بأحكام صادقة كالقدرة والعلم والمجيء والذهاب وغيرها ، وليس المحكوم عليه هو المجرّد وإلّا لما أمكن حصول الأحكام المذكورة إلّا من عالم به ؛ لما علم من اشتراط العلم بالمحكوم عليه في الحكم ، لكن اللازم باطل ؛ فإنّ كثيرا من العوام يحكم بها ولم يتصوّر المجرّد ولم يشعر به فيكون غيره ، وليس هو هذا الهيكل بأجمعه لتغيّره وتبدّله (١) ، والإنسان واحد لا يزيد ولا يتغيّر فيكون بعضه ، وليس هو الأجزاء الزائدة التي تتغيّر وتتبدّل ؛ لأنّ كلّ واحد يعرف أنّ ذاته لم تزد ولم تنقص ولم تتغير فتكون أجزاء باقية ، وذلك هو المطلوب.
الثاني : كلّما كان مدرك الجزئيات جسما كان مدرك الكلّيات جسما ، لكن المقدّم حقّ باعتراف الحكماء فالتالي مثله.
وبيان الشرطية : أنّا نحكم على زيد بالإنسانيّة ، والحاكم على الشيئين مدرك لهما ، فالنفس مدركة للجزئيات فتكون جسما ؛ لما تقدم. وفي هذين نظر :
أمّا الأوّل ؛ فلأنّ العامّي يحكم ولا يتصوّر الأجزاء أيضا. وأمّا الثاني ؛ فلأنّ مرادهم أنّ المدرك للجزئيات بالذات جسم ، والنفس مدركة بواسطة الآلات لا بذاتها.
ويجاب عن الأوّل بأنّا نحكم على البدن الذي يعلم دخول الأجزاء الأصلية فيه ، ثمّ نتنبّه على أنّ الفضلية (٢) ساقطة عن درجة الاعتبار بأدنى فكر ، بخلاف المجرّد فإنّه حال الحكم غير شاعر به مطلقا.
واعلم أنّ هنا أقوالا أخر يظهر فسادها لمن تصوّرها :
الأوّل : هو الجزء الناري.
الثاني : هو الجزء الهوائي.
الثالث : هو الجزء المائي.
الرابع : أنّه الدم ؛ لأنّ المذبوح يموت بخروج دمه.
__________________
(١) تبديله ـ خ : (د).
(٢) الفضيلة ـ خ : (آ).