وبيانه : أنّه وصف الجنّة بأنّها تجري من تحتها الأنهار ، والنار بأنّها ذات طبقات ؛ لقوله تعالى : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) (١) واللازم باطل ؛ لما تقرّر عندهم ، أو عنصرياته ، وهو باطل أيضا وإلّا لزم التناسخ ، وهو باطل بما تقدّم.
والثاني باطل بما تقدّم من استحالة عالم آخر ، وأيضا فإنّ الجنّة تقتضي تولّد الأشخاص من غير توالد من أبوين ، والنار تقتضي دوام الحياة مع الاحتراق ، وكلاهما باطل.
والجواب عن الأوّل : لم لا يجوز كونهما في هذا العالم؟ فالجنّة في فلكياته ، كما ورد أنّها في السماء السابعة ؛ لقوله تعالى : (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) (٢) ولقوله صلىاللهعليهوآله : «سقف الجنّة عرش الرحمن» والعرش الفلك الثامن (٣) وامتناع الخرق ممنوع ؛ لبنائه على أصول فاسدة ، ولأنّ أدلّتكم عليه إن صحّت فإنّها تتمّ في المحدّد لا غير ، والنار في عنصرياته كما ورد أنّها تحت الأرضين (٤) السفلى.
والتناسخ الذي تقدّم بطلانه : ردّ النفس إلى بدن مبتدأ ، وهنا ليس كذلك بل هو ردّ النفس إلى بدنها المعاد أو المؤلّف من الأجزاء الأصلية ، وفرق بينهما.
سلمنا لكن لم لا يجوز حصولهما في عالم آخر؟ وقد تقدّم بيان إمكانه ، وإن سلّم عدمه فلم لا يجوز كون هذا العالم وعالم الجنّة والنار مركوزين في ثخن (٥) كرة أعظم منهما؟
وعن الثاني بأنّه مجرّد استبعاد ، وهو باطل بما تقدّم من عموم القدرة الذاتية ، والتوالد (٦) ممكن كما في آدم عليهالسلام والإحراق مع الحياة ممكن ؛ لجواز استحالة الجسم إلى
__________________
(١) النساء ٤ : ١٤٥.
(٢) النجم ٥٣ : ١٤ ـ ١٥.
(٣) تطبيق العرش على الفلك الثامن ـ بناء منهم على الهيئة البطلميوسية التي كانت مسلّمة عندهم ، والوارد من معنى العرش في الأحاديث الدينية هو العلم والتطبيق المذكور ـ لا اعتداد به في عصرنا. انظر إلى الكتب المؤلّفة في هذا الباب.
(٤) الأرض ـ خ : (آ).
(٥) سخن ـ خ : (د).
(٦) والتولّد ـ خ : (آ).