لعصيانه ، فهو ممدوح مذموم باعتبارين ، وأمّا في الآخرة فإن كانت معصيته صغيرة فهي مغفورة إجماعا ، وإن كانت كبيرة ومات ولم يتب منها فقطع المرجئة بعدم عقابه ، وإلّا لكان مخزيا ؛ لقوله تعالى : (إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) (١) وكلّ مخزيّ كافر ؛ لقوله : (إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ) (٢).
وقطع الوعيدية بعقابه وتخليده لما يأتي من حجّتهم ، وقالت الأشاعرة وأكثر أصحابنا : يجوز عقابه وعدمه ؛ لأنّه حقّه تعالى فجاز له تركه ، لأنّه لا لوم ولا ذمّ على من ترك حقّه(٣) وجائز له أخذه ، لكن لو عوقب لكان عقابا (٤) منقطعا ، وهو الحقّ ؛ لما يأتي.
الرابعة : حيث تعرّضنا لذكر الكبيرة فلنذكر ما قيل في تفسيرها ، فنقول : قال قوم من أصحابنا : إنّ الذنوب كلّها كبائر ؛ نظرا إلى اشتراكها في المخالفة ، وإنّما سمّي بعضها صغائر بالنسبة إلى ما فوقه ، كالقبلة فإنّها صغيرة بالنسبة إلى الزنا ، وكبيرة بالنسبة إلى النظر (٥).
وقالت المعتزلة : الكبيرة والصغيرة يقالان بالإطلاق وبالإضافة.
أمّا الأوّل فالصغيرة ما ينقص عقابه عن ثواب فاعله في كلّ وقت ، والكبيرة ما يزيد عقابه عن ثواب فاعله في كلّ وقت.
وأمّا الثاني فبالإضافة إلى معصية أو طاعة ، فالصغيرة ما ينقص عقابه عن ثواب تلك الطاعة أو عقاب تلك المعصية في كلّ وقت ، والكبيرة هو الذي يزيد عقابه على ثواب تلك الطاعة ، وقيّد في هذه الصور لكل وقت ؛ لأنّه لو اختلفت الأوقات لوجب التقييد ، فيختلف الاسم.
__________________
(١) آل عمران ٣ : ١٩٢.
(٢) النحل ١٦ : ٢٧.
(٣) على ترك حقّه ـ خ : (آ).
(٤) عقابه ـ خ : (آ).
(٥) النظرة ـ خ : (آ).