المراد ما قبل الدخول ، كما قيل ؛ للزوم الإضمار من غير (١) ضرورة ، ولقبحه في اللفظ فيكون بعد الدخول.
ويؤيّده : كون الخلود إنّما يكون بعد الدخول ، وليس تلك الأوقات للكفار ؛ للإجماع ، فيكون للفسّاق وهم من فعل الكبيرة ، إذ الصغائر مكفّرات إجماعا ، وإن كان الثاني فالمطلوب ظاهر ؛ إذ لا خلاف أنّ الكافر لا يخرج من النار.
إن قلت : كان يجب أن يقول على هذا : إلّا من شاء الله ؛ لأنّ الفاسق من أولي العلم.
قلت : المحقّقون على أنّ «من» يشترط في مدلولها العلم ، وأما «ما» فلا يشترط فيها العلم ولا عدمه ، فقد يطلق على أولو العلم كقوله تعالى : (وَالسَّماءِ وَما بَناها) (٢) وكذا الاستدلال بقوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) (٣).
السادس : ورد متواترا عنه صلىاللهعليهوآله أنّه قال : يخرج قوم من النار كالحمم والفحم فيراهم أهل الجنّة فيقولون : هؤلاء جهنّميون ، فيؤمر بهم فيغمسون في عين الحيوان فيخرج أحدهم كالبدر.
احتجّ القائلون بالتخليد بعموم آيات نحو قوله تعالى : (مَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها) (٤) (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) (٥) وغير ذلك ، وعموم أخبار وهي كثيرة.
والجواب أنّا نحمل الخلود على المكث الطويل ؛ لاستعماله فيه كقولهم : وقف مخلّد ، وقول الفقهاء : إنّ السارق يخلد السجن في الثالثة ، وفي الدوام كقوله تعالى : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ) (٦) فيكون للقدر المشترك ؛ لأنّ الاشتراك والمجاز خلاف
__________________
(١) بغير ضرورة ـ خ : (د).
(٢) الشمس ٩١ : ٥.
(٣) هود ١١ : ١٠٦ ، ١٠٧.
(٤) النساء ٤ : ١٤.
(٥) طه ٢٠ : ٧٤.
(٦) الأنبياء ٢١ : ٣٤.