الثالثة : أنّ القديم لا يجوز عليه العدم ، لأنّه إمّا واجب أو (١) ممكن ، لأنّ كلّ موجود كذلك ، فإن كان واجبا ثبت المطلوب ، وإن كان ممكنا كان له علة واجبة ، لاستحالة التسلسل كما يجيء ويكون موجبة ، لاستحالة كون القديم أثر المختار كما تقدّم ، فيلزم من دوام علّته دوامه فلا يعدم.
الرابعة : القديم عندنا هو الله تعالى لا غير ، لما يأتي من دليل إثبات الحدوث لكلّ ما عداه ، وعند الأشاعرة هو الله تعالى وصفاته ، وعند الحكماء هو الله تعالى والعالم ، وعند الحرنانيّين (٢) القدماء خمسة : اثنان حيّان فاعلان هما الله والنفس ، وواحد منفعل غير حيّ هو المادة ، واثنان لا حيّان ولا فاعلان ولا منفعلان وهما الدهر والخلاء ، والحادث ما عدا ذلك.
__________________
(١) وإمّا ـ خ : (آ).
(٢) هم جماعة من صائبة الكلدانيين ، وهم مع اعتقادهم بوجود الله تعالى يقولون : «وما يهلكنا إلّا الدهر» ولا دار سوى هذه الدار ، وما يميتنا إلّا الأيام والليالي ومرور الزمان وطول العمر ، ويسندون الحوادث إلى الدهر ، ولهم مقالات واهية سخيفة من هذا القبيل مذكورة في كتب الملل والنحل وغيرها.